وأن يكون التعليل بذلك لبيان حكمة التشريع ، وليس من العلة المنصوصة ، فلا يجوز التعدي عنها إلى كل مزية تقتضي أقربية مضمون أحد المتعارضين للواقع. فالانصاف : أنه لم يظهر من الأدلة جواز التعدي عن المرجحات المنصوصة ، فالأقوى : هو الاقتصار عليها ، فتأمل جيدا.
المبحث العاشر
المرجحات المنصوصة أربعة :
منها : ما يكون مرجحا لسند أحد المتعارضين ، كموافقة أحدهما للشهرة وككون الراوي لأحدهما أوثق أو أعدل أو أصدق ونحو ذلك مما يرجع إلى صفات الراوي.
ومنها : ما يكون مرجحا لجهة الصدور ، ككون أحد المتعارضين مخالفا للعامة (١).
__________________
١ ـ أقول : بعدما كانت حجية الجهة والدلالة من آثار الكلام الواقعي بحيث يكون بالنسبة إلى التعبد بالسند من قبيل الحكم الواقعي لموضوع قامت [ الامارة على ثبوته كقيام ] الامارة على ثبوت الموضوع لوجوب إكرام زيد بالنسبة إلى دليل التعبد باكرامه ما لمراد من كون الترجيح بمخالفة العامة من المرجحات الجهتية؟ فان أريد منه ان دليل وجوب الاخذ بالمخالف وطرح الموافق إنما هو لترجيح مجرد الجهة الثانية لأحدهما في ظرف صدور الكلام الواقعي على الجهة الأخرى كلية بلا نظر منه إلى حيث صدور ذي المرجح ، فلازمه عدم انتهاء النوبة إليه بعد تساقط عموم الحجية في إثبات الكلام الواقعي ، إذ حينئذ لا يحرز الكلام حتى ينتهي النوبة إلى ترجيح جهته ، ومجرد اقتضاء الحجية لا يكفي في هذا الترجيح الوارد على الكلام ما لم يحرز الكلام الواقعي بدليل تعبده فعلا. وإن كان الغرض ان دليل المرجح الجهتي أيضا ناظر إلى اثبات السند فلازمه كونه مرجحا سنديا ، كالأوثقية ، إذ لازم التعبد بسند ذي الجهة طرح سند الآخر ، إذ لا معنى للاخذ بسند ما اطرح جهته ، فلا نعني بالمرجح السندي إلا هذا. وحينئذ فالتحقيق ان جميع المرجحات يرجع إلى الترجيح في السند. نعم : وجه ترجيح السند ربما