الواجب المشروط ، فراجع وتأمل جيدا.
قد عد من الأحكام الوضعية الصحة والفساد ، والطهارة والنجاسة ، والرخصة والعزيمة.
أما الصحة والفساد : فعدهما من الأحكام الوضعية إنما يستقيم على أحد المعنيين للصحة والفساد لا مطلقا. وتوضيح ذلك : هو أنه
تارة : يراد من الصحيح كون الشيء واجدا للخصوصية التي ينبغي أن يكون واجدا لها بحسب طبعه (١) كما يقال : إن هذا البطيخ أو الخل صحيح ، أي كون واجدا للخصوصية التي يقتضيها طبع البطيخ والخل ، ويقابله الفاسد وهو الفاقد لتلك الخصوصية. وكذا يقال : إن هذه الصلاة صحيحة ، أي كونها واجدة للخصوصية التي ينبغي أن تكون الصلاة واجدة لها : من الملاك والمصلحة القائمة بها ، ويقابلها الفاسدة وهي كون الصلاة فاقدة لتلك الخصوصية.
والصحة والفساد بهذا المعنى إنما ينتزعان عن مقام الذات قبل تعلق الامر بها ، وتكون تلك الخصوصية منشأ لتعلق الامر بالذات ، كالخصوصية القائمة
__________________
١ ـ أقول : لا نعني من الصحة إلا تمامية الشيء بلحاظ الجهة المرغوبة الشيء ، فهذه الجهة المرغوبة تارة من الأمور الواقعية ، وأخرى من الأمور الجعلية ، فالتمامية بلحاظ الجهة الأولى ليس إلا من الأمور الواقعية. وأما التمامية بلحاظ الجهة الثانية فلا يكون منتزعا إلا من هذه الجهة ، لأنه لو لم يكن تلك لا مجال لانتزاع تمامية الشيء من هذه الجهة.
ثم إن الجهة تارة يراد منه التكليف أو الوضع في أبواب المعاملات ، وأخرى يراد منه جهة مسقطية القضاء والإعادة الذي هو يلازم الاجزاء ، وهذه الجهة أيضا لما كان دائرا مدار الوفاء بالغرض في الجملة أو تفويته ، فلا يكون إلا من الأمور الواقعية ، كما لا يخفى. وبالجملة نقول : إن انتزاعية الصحة وواقعيته تابع جعلية الجهة الملحوظة في التمامية وعدمه ، كما هو ظاهر ، وحينئذ فمنع انتزاعية الصحة مطلقا لا وجه له ، كما هو واضح ، فتدبر.