فالمخالفة بالعموم والخصوص خارجة عن الطائفتين من الأخبار الواردة في عرض الاخبار على الكتاب. والمخالفة بالتباين الكلي تندرج فيما دل على طرح المخالف للكتاب وأنه زخرف وباطل ولو لم يكن للخبر المخالف معارض. والمخالفة بالعموم من وجه تندرج فيما دل على الترجيح بموافقة الكتاب عند التعارض ، فلو تعارض العامين من وجه وكان أحدهما موافقا للكتاب والآخر مخالفا له قدم الموافق له إذا كانا متكافئين بالنسبة إلى سائر المرجحات.
وكذا يندرج في أدلة الترجيح ما إذا كان التعارض بين الخبرين بالتباين الكلي وكان أحدهما موافقا للعام الكتابي ، كما إذا فرض أن مفاد أحد الخبرين حلية لحم الحمير وكان مفاد الآخر حرمة لحمه ، فيقدم ما دل على حليته لكونه موافقا للعام الكتابي وهو قوله تعالى : « وأحل لكم ما في الأرض جميعا » (١) فان ما دل على الحرمة وإن كان أخص من العام الكتابي وكان اللازم تخصيص العام الكتابي به ـ بناء على ما هو الحق من جواز تخصيص العام الكتابي بالخبر الواحد ـ إلا أنه لما كان مبتلى بالمعارض فلا يصلح لان يكون مخصصا ، ونتيجة ذلك هو الاخذ بما دل على الحلية ، لموافقة العام الكتابي ، فتشمله أدلة الترجيح ، فما أفاده الشيخ قدسسره في الفرض : من أنه « يجب الرجوع إلى المرجحات الصدورية والجهتية ومع فقدها يتخير المكلف في اختيار أحدهما » لا يخلو عن إشكال ، فإنه كيف يكون الحكم في الفرض التخيير مع كون أحد المتعارضين موافقا للكتاب؟ بل لابد من الاخذ بالموافق بمقتضى أدلة الترجيح.
الظاهر : أنه لا يجوز الرجوع إلى المرجحات الصدورية في تعارض العامين
__________________
١ ـ قد أشرنا كرارا إلى عدم وجود هذه الآية في القرآن الكريم ( المصحح ).