الليل والنهار فلا يكاد يثبته الاستصحاب.
وحاصل الكلام : أن استصحاب الزمان لا يقتضي أزيد من وجود الزمان ليلا كان أو نهارا رمضانا كان أو شعبانا ، وأما كون هذا الزمان الحاضر من الليل أو النهار فلا يثبته الاستصحاب ، ومع عدم إثبات ذلك لا يصدق على الفعل كونه واقعا في الليل أو النهار الذي اخذ ظرفا لوقوعه ، كما هو ظاهر أدلة التوقيت.
اللهم إلا أن يدعى : أن أدلة التوقيت لا تقتضي أزيد من اعتبار وقوع الفعل عند وجود وقته وإن لم يتحقق معنى الظرفية ولم يصدق على الفعل كونه واقعا في الزمان الذي اخذ ظرفا له شرعا ، بل يكفي مجرد صدق وقوع الفعل عند وجود وقته.
هذا ، ولكن الظاهر أنه لا سبيل إلى هذه الدعوى ، فإنه لا يمكن إنكار دلالة أدلة التوقيت على اعتبار الظرفية ووقوع الفعل في الزمان المضروب له ، وعلى هذا تقل فائدة استصحاب الزمان ، فان الأثر المهم إنما يظهر في باب الموقتات ، والمفروض : أن استصحاب بقاء الوقت لا يثبت وقوع الفعل في الوقت ، فلا يظهر لاستصحاب بقاء الوقت أثر إلا إذا كان الزمان شرطا للتكليف ، فان الظرفية لا تعتبر فيه بل يكفي إحراز وجود الوقت ولو بالأصل ، ويترتب عليه الوجوب ، كما في وجوب الامساك والافطار وغير ذلك من الاحكام المشروطة بأوقات خاصة ، فلو شك في بقاء رمضان يجري فيه الاستصحاب ويترتب عليه وجوب الامساك وإن لم يثبت كون الامساك في رمضان ، بل يكفي في وجوب الامساك مجرد العلم بوجود رمضان ، فإنه متى تحقق رمضان وجب الامساك ولا يحتاج إلى إحراز معنى الظرفية ، وهذا بخلاف ما إذا كان الزمان شرطا للواجب ، فان الظاهر من أخذ الزمان قيدا للامتثال هو اعتبار الظرفية ، فلا يعلم بالخروج عن عهدة التكليف إلا بعد إحراز وقوع الفعل المأمور به في الزمان