تخييرا (١) إلا عند فقد ما يقتضي ترجيح أحدهما.
وقد حكي عن بعض : القول بالتخيير مطلقا ، لاطلاق أدلة التخيير وحمل أخبار الترجيح على الاستحباب.
وأنت خبير : بأنه يجب الخروج عن إطلاق أدلة التخيير بظهور أدلة الترجيح في الوجوب ، فان المطلق مهما بلغ في الظهور لا يقاوم ظهور المقيد في التقييد ، القول باستحباب الترجيح ضعيف غايته.
منها : مقبولة عمر بن حنظلة ، قال : « سئلت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجلين من أصحابنا يكون بينهما منازعة في دين أو ميراث فتحاكما إلى السلطان أو إلى القضاء ، أيحل ذلك؟ قال عليهالسلام من تحاكم إليهم في حق أو باطل فإنما تحاكم إلى الطاغوت » إلى أن قال : « قلت : فان كان كل رجل يختار رجلا من أصحابنا فرضيا أن يكونا الناظرين في حقهما فاختلفا فيما حكما وكلاهما اختلفا في حديثكم؟ قال عليهالسلام الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما ولا يلتفت إلى ما يحكم به الآخر ، قلت : فإنهما عدلان مرضيان عند أصحابنا لا يفضل واحد منهما على الآخر؟ قال عليهالسلام ينظر إلى ما كان من روايتهم عنا في ذلك الذي حكما به المجمع
__________________
١ ـ لا يخفى : أن في كلام الشيخ قدسسره في هذا المقام مواقع للنظر ، خصوصا قوله : « ومرجع التوقف أيضا إلى التخيير » فان مرجع التوقف إلى الاحتياط لا إلى التخيير ـ كما صرح بذلك قبل هذا ـ نعم : لو رجع التعارض إلى النفي والاثبات وكان الامر دائرا بين المحذورين وقلنا بعدم جواز الرجوع إلى الثالث ولو كان هو الأصل ، صح قوله : « ومرجع التوقف إلى التخيير » وأغرب من ذلك! ما أفاده في ذيل قوله : « والتحقيق » من قوله : « وإن لم نقل بذلك بل قلنا باستفادة العمل بأحد الخبرين المتعارضين من نفس أدلة العمل بالاخبار » فإنه يرد عليه : أنه لا يعقل استفادة ذلك من أدلة الحجية بناء على الطريقية. وبالجملة : في عبارة الشيخ قدسسره في هذا المقام ما لا يخفى ، فراجع ( منه ).