الشك في أحدهما ملازما للشك في الآخر ـ بل الشك في أحدهما عين الشك في الآخر ـ إلا أن الشك في الطهارة والحلية الفعلية في الزبيب المغلي مسبب عن الشك في كون المجعول الشرعي هل هو نجاسة العنب المغلي وحرمته مطلقا حتى في حال كونه زبيبا؟ أو أن المجعول الشرعي خصوص نجاسة العنب المغلي وحرمته ولا يعم الزبيب المغلي؟ فإذا حكم الشارع بالنجاسة والحرمة المطلقة بمقتضى الاستصحاب التعليقي يرتفع الشك في حلية الزبيب المغلي وطهارته.
والحاصل : أن الشك في الحلية والحرمة والطهارة والنجاسة في الزبيب المغلي مسبب عن الشك في كيفية جعل النجاسة والحرمة للعنب المغلي وأن الشارع هل رتب النجاسة والحرمة على العنب المغلي مطلقا في جميع مراتبه المتبادلة؟ أو أن الشارع رتب النجاسة والحرمة على خصوص العنب ولا يعم الزبيب؟ فالاستصحاب التعليقي يقتضي كون النجاسة والحرمة مترتبين على الأعم ، ويثبت به نجاسة الزبيب المغلي ، فلا يبقى مجال للشك في الطهارة والحلية.
فان قلت : الأصل الجاري في الشك السببي إنما يكون رافعا لموضوع الأصل المسببي إذا كان أحد طرفي المشكوك فيه في الشك المسببي من الآثار الشرعية المترتبة على المشكوك فيه بالشك السببي ، كما في طهارة الثوب المغسول بماء مشكوك الطهارة والنجاسة ، فان نجاسة الثوب وإن لم تكن من آثار نجاسة الماء بل هي من آثار بقاء علتها : من الدم أو البول الذي أصاب الثوب ، إلا أن طهارة الثوب من الآثار الشرعية المترتبة على طهارة الماء ، فان معنى حكم الشارع بطهارة الماء هو طهارة الثوب المغسول به ، ولأجل ذلك كان استصحاب طهارة الماء أو قاعدة الطهارة رافعا للشك في نجاسة الثوب ، فما لم يكن أحد طرفي المشكوك فيه بالشك المسببي من الاحكام والآثار الشرعية المترتبة على المشكوك فيه بالشك السببي لا يمكن أن يكون الأصل الجاري في السبب رافعا