شروط أهلية المالك وسلطنته على النقل والانتقال ، بل مورد أصالة الصحة في العقود هو ما إذا كان الشك متمحضا في اختلال شرط من شروط صحة العقد ، لأنه ليس في البين دليل لفظي يؤخذ باطلاقه ، والقدر المتيقن من معقد الاجماع هو ما ذكرناه (١) ولعله يأتي لذلك مزيد توضيح في المباحث الآتية.
لا إشكال في أن المراد من صحة العمل هو ترتيب الآثار المقصودة منه ، بمعنى أنه يبنى على كون العمل واجدا للشرائط المعتبرة فيه عند الشك في ذلك ، فعلى هذا تكون صحة كل شيء بحسبه ، فصحة الايجاب عبارة عن كونه واجدا للشرائط المعتبرة فيه : من كونه وقع بصيغة الماضي والعربية وغير ذلك. وأما تحقق القبول بعده : فهو ليس مما يعتبر في صحة الايجاب ، بل الايجاب إن وقع واجدا لما يعتبر فيه فهو صحيح تعقبه القبول أو لم يتعقبه ، فان صحة الايجاب عبارة عن « أنه وقع على ما ينبغي أن يقع عليه ، بحيث لو تعقبه القبول لكان مؤثرا في النقل والانتقال » وهذا المعنى من الصحة التأهلية للايجاب لا يتوقف على تحقق القبول ، فليس معنى صحة الايجاب وقوع القبول عقيبه ، كما أنه ليس معنى صحة القبول وقوع الايجاب قبله.
وبالجملة : صحة العقد المركب من الايجاب والقبول غير صحة كل من الايجاب والقبول منفردا ، فان صحة العقد عبارة عن الصحة الفعلية ـ أي كون العقد مؤثرا للنقل والانتقال ـ وصحة الايجاب أو القبول عبارة عن الصحة التأهلية ، فأصالة الصحة في الايجاب لا تثبت وقوع القبول.
وقد صرح الشيخ قدسسره بذلك ، وإن كان قد يسبق إلى الذهن
__________________
١ ـ أقول : ذلك ينافي مع ما أسسه سابقا : من انعقاد الاجماع على الكبرى الكلية ، فراجع ما ذكره.