الخاص في حد نفسه معارض مع العام ولو في بعض المدلول ، ولكن أصالة ظهوره في التخصيص تكون حاكمة على أصالة ظهور العام في العموم ، فترتفع المعارضة من بينهما ، فتأمل جيدا.
بقي في المقام حكم ما إذا كان الخاص ظني السند وقطعي الدلالة ، ولأجله مهدنا المقدمة ، وكان غرضنا منها شرح ما ذكره الشيخ قدسسره في حكم هذا القسم من الخاص ، فإنه بنى أولا على كون ظهور الخاص حاكما على ظهور العام ، ثم احتمل أن يكون واردا عليه بناء على كون العمل بظاهر العموم معلقا على عدم القرينة على التخصيص ، وعقبه بقوله : « فتأمل » وأما بناء على كون العمل بالظهور من جهة الظن النوعي بأنه هو المراد النفس الأمري : فقد جزم فيه بالورود ولم يحتمل فيه الحكومة. وقد خفي مراد الشيخ قدسسره من ذلك على كثير من طلبة العلم.
وعلى كل حال : لا كلام في تخصيص العام بهذا القسم من الخاص ، وإنما الكلام في وجه ذلك ، وأنه للحكومة أو للورود؟ أو يفصل بين الوجهين في اعتبار أصالة الظهور؟ فان بنينا على كون الوجه فيها أصالة عدم القرينة يكون الخاص حاكما على العام ، وإن بنينا على كون الوجه فيها الظن النوعي يكون الخاص واردا عليه (١).
__________________
١ ـ أقول : مبنى ورود أصالة السند في الخاص على أصالة ظهور العام أو حكومته ليس إلا بجعل المعلق عليه في أصالة ظهور العام عدم الحجة على التخصيص كشفا أو قرينة أو عدم العلم به واقعا ، فعلى الأول : لا محيص إلا من الورود ، وعلى الثاني : لا محيص إلا من الحكومة ، وبقية ما أفيد ليس إلا تطويلا بلا طائل. ولا يظن أحد بان منشأ ترديد « شيخنا الأعظم » في الحكومة أو الورود ما ذكر من وجه حجية أصالة الظهور انه من باب الكشف أو أصالة عدم القرينة ، مع أن أول ذهن من صغار الطلاب يلتفت بعدم الفرق بين المسلكين في هذه الجهة! لان أصالة الظهور في العام إن كان معلقا على عدم الحجة على الخاص ، فدليل الخاص ولو كان ظنيا وارد على أصالة ظهور العام ، من دون فرق بين وجه حجيته من حيث الكشف أو أصالة عدم القرينة ، إذ على اي حال ورد الحجة على التخصيص ،