ارتفع ، كما إذا احتمل قيام السواد الضعيف مقام السواد الشديد عند ارتفاع السواد الشديد ، وكما إذا احتمل قيام مرتبة أخرى من الشك الكثير مقام المرتبة التي كان المكلف واجدا لها وزالت عنه.
فهذه جملة الوجوه المتصورة في القسم الثالث من أقسام استصحاب الكلي.
وفي جريان الاستصحاب في الجميع ، أو عدم جريانه في الجميع ، أو التفصيل بين الوجه الأخير والوجهين الأولين ـ ففي الأخير يجري الاستصحاب وفي الأولين لا يجري ـ وجوه ، أقواها التفصيل.
أما عدم جريانه في الوجه الأول : فلانه لا منشأ لتوهم جريان الاستصحاب فيه إلا تخيل أن العلم بوجود الفرد الخاص في الخارج يلازم العلم بحدوث الكلي خارجا ، فبارتفاع الفرد الخاص يشك في ارتفاع الكلي ، لاحتمال قيام الكلي في فرد آخر مقارنا لوجود الفرد الذي علم بحدوثه وارتفاعه ، فلم يختل ركنا الاستصحاب من اليقين السابق والشك اللاحق بالنسبة إلى الكلي ، كالقسم الثاني من أقسام استصحاب الكلي.
هذا ، ولكن الانصاف : أن فساد التوهم بمكان يغني تصوره عن رده ، بداهة أن العلم بوجود الفرد الخاص في الخارج إنما يلازم العلم بوجود حصة من الكلي في ضمن الفرد الخاص (١) لا أنه يلازم العلم بوجود الكلي بما هو هو ، بل للفرد
__________________
١ ـ أقول : لو تم ذلك يلزمه الالتزام في القسم الأول بعين ما التزم في رد استصحاب الفرد المردد ، لان تغاير إحدى الحصتين للآخر موجب لتردد المعلوم بين الحصتين ، فلا يكون شاكا إلا في بقاء أحد الحصتين المردد بين ما هو مقطوع البقاء أو مقطوع الارتفاع. والأولى أن يقال : إن المراد من الكلي ما هو منشأ لانتزاع مفهومه ، وهو ليس إلا الجامع بين الحصص المحفوظ في الخارج بعين وجودها ، كيف! وبعد مغايرة أحد الحصتين للآخر يستحيل انتزاع مفهوم واحد من المتغايرين ، فلابد من لحاظ الجهة المتحدة بينهما ، وبعد ذلك لابد وأن يكون مركز الشك واليقين هذه الجهة المشتركة ، لأن المفروض أن الأثر مترتب على الجامع بين الحصص لا نفسها ، وحينئذ فتوهم أن العلم بوجود الفرد الخاص يلازم العلم بالحصة مسلم ، وأما عدم ملازمته مع العلم بوجود الطبيعي غلط ، إذ الطبيعي موجود في الخارج بعين وجود