مع أنه لو سلم كونها من الأصول العملية أمكن أن يقال : إنها حاكمة أيضا على الاستصحاب ، كما يظهر من الشيخ قدسسره حيث ذكر قبل التعرض لحكومة اليد على الاستصحاب بأسطر ما لفظه « وقد يعلم عدم كونه ناظرا إلى الواقع وكاشفا عنه وأنه من القواعد التعبدية لكن يختفي حكومته مع ذلك على الاستصحاب الخ » فراجع العبارة ، فان الذي يظهر من كلامه إمكان أن يكون أحد التنزيلين في الأصول التنزيلية رافعا لموضوع التنزيل الآخر. ولكن لم يبين وجهه ، ولعل الوجه في ذلك هو أن موضوع الاستصحاب إنما هو الشك في بقاء الحالة السابقة ، وهو إنما يكون مسببا عن الشك في حدوث ما يوجب رفع الحالة السابقة (١) ومثل قاعدة اليد ـ بناء على كونها من الأصول العملية ـ وأصالة الصحة في عمل الغير وقاعدة الفراغ والتجاوز إنما يكون مؤداها حدوث ما يوجب رفع الحالة السابقة ، فتكون رافعة لموضوع الاستصحاب ، فتأمل.
وإن أبيت عن ذلك كله ، فلا إشكال في أن قاعدة الفراغ والتجاوز وردت في مورد الاستصحاب ، فلو قدم الاستصحاب عليها تبقى القاعدة بلا مورد ، فلا ينبغي التأمل في تقدم القاعدة على الاستصحاب. والظاهر : أنه لا كلام فيه ، وإنما الكلام يقع في مباحث فقهية :
__________________
١ ـ أقول : بالله عليك! ان بقاء عدم الشيء مع حدوث وجوده الطارد لهذا البقاء هل هما من غير باب النقيضين المحفوظين في رتبة واحدة؟ فأين السببية والمسببية؟ فالأولى في وجه الحكومة ان يقال : إن الاستصحاب ناظر إلى اثبات اليقين في ظرف الشك ، بلا نظر منه إلى نفي الشك ـ كما توهم ـ وقاعدة التجاوز ناظرة إلى نفي الشك وانه ليس بشيء ولو بملاحظة الغاء احتمال الخلاف والجري على وفق احتمال الوجود ، بلا نظر فيه أيضا إلى كشفه كي يصير أمارة ، ومع الاغماض عن ذلك ، فلا محيص من التقريب الآخر ، كما لا يخفى ، فتدبر.