يكون الركن هو السمح باليمنى وكون المسح بالبلة من الخصوصيات الخارجة المعتبرة فيه ، ويحتمل أيضا أن يكون الركن هو المسح بالبلة وكون البلة من اليمنى من الخصوصيات المعتبرة ، ويحتمل أيضا أن يكون الركن مجموع الأمرين ، وهذه الاحتمالات صارت منشأ للأقوال الثلاثة.
وبالجملة : معرفة الميسور في الموضوعات الشرعية في غاية الاشكال ، ولأجل ذلك قيل : « إن التمسك بقاعدة الميسور في العبادات يتوقف على عمل الصحابة » فان الحاجة إلى عمل الأصحاب ليس لجبر السند أو الدلالة ، فان السند لا يحتاج جبره إلى العمل بالرواية في جميع الموارد ، بل يكفي في الجبر العمل بالرواية في الجملة ولو في مورد واحد ، وأما الدلالة فالعمل غير جابر لها ـ كما حققناه في محله ـ فالحاجة إلى العمل في المقام إنما هو لأجل تشخيص الركن في العبادة ليكون الباقي ميسور المتعذر ، فان من عمل الصحابة بالقاعدة في مورد يستكشف أن الباقي كان عندهم ركنا وأنهم أخذوا ذلك من أئمتهم عليهمالسلام فتأمل جيدا.
ثم إنه لا فرق في القاعدة بين الاجزاء والشرائط ، إذ رب شرط يكون ركنا للمركب كالطهارة للصلاة ، ورب شرط لا يكون ركنا كالاستقبال ، فالتفصيل بين الاجزاء والشرائط بدخول الاجزاء في القاعدة دون الشرائط مما لا وجه له ، هذا كله في التمسك بالقاعدة على وجوب الباقي المتمكن منه.
وأما التمسك بالاستصحاب على وجوبه ، فيعتبر في جريانه كل ما يعتبر في القاعدة ، لأنه يعتبر في الاستصحاب بقاء الموضوع واتحاد القضية المشكوكة للقضية المتيقنة عرفا ، وبقاء الموضوع إنما يكون ببقاء أركانه المقومة لحقيقته وكان منشأ الشك انتفاء بعض الخصوصيات الخارجة عن الحقيقة التي لا يضر انتفائها ببقاء الموضوع عرفا ، وسيأتي تفصيل ذلك ( إن شاء الله تعالى ) في مبحث الاستصحاب.