وقد اضطربت كلمات بعض الاعلام في ذلك وذهب يمنة ويسرة ولم يأت بشيء يمكن أن يكون ضابطا للموارد التي يرجع فيها إلى العام والموارد التي يرجع فيها إلى استصحاب حكم المخصص ، بل حمل كلمات الشيخ قدسسره في هذا المقام على ما لا ينبغي الحمل عليه ، وفتح عليه باب الاشكال والايرادات السبعة أو الثمانية التي ذكرها.
وعلى كل حال : تنقيح البحث في ذلك يستدعي رسم أمور :
الأول : لا إشكال في أن الأصل في باب الزمان أن يكون ظرفا لوجود الزماني ، إلا أن يقوم دليل بالخصوص على القيدية مكثرا للموضوع ليكون وجود الشيء في زمان غير وجوده في زمان آخر ، ومع عدم قيام الدليل على ذلك لا يكون الزمان إلا ظرفا لوجود الشيء ، لان نسبة الزمان إلى الزماني كنسبة المكان إلى المكين لا يقتضي أزيد من الظرفية ، سواء كان الزماني من مقولة الأعيان والموضوعات الخارجية أو كان من مقولة الافعال ومتعلقات التكاليف أو كان من مقولة الأحكام التكليفية والوضعية ، فان الزمان في جميع ذلك إنما يكون ظرفا لوجودها (١) وعليه يبتني جريان الاستصحاب ، فإنه لولا كون
__________________
١ ـ أقول : ينبغي للمقرر المستقصي لأنحاء مفاد الخطابات أن يتعرض في فرض الظرفية شقوقا أخرى ، وهو أن مفاد الدليل تارة : حكم شخصي مستمر لموضوع شخصي ، بحيث لو انقطع هذا الشخص لم يكن الخطاب متكفلا لحكم آخر لشخص آخر ، وإن كان قابلا للتحديد من حيث أوله وآخره. وأخرى : حكم سنخي ثابت لكل قطعة من القطعات الموجودة في الفرد الشخصي المستمر على وجه قابل للانحلال بأحكام بلحاظ كل واحد من القطعات الموجودة في ضمن هذا الفرد المستمر الشخصي ، ولازمه عدم اقتضاء الدليل الدال على نفي الحكم عن قطعة معينة ذهاب الحكم عن بقية القطعات. وثالثة : يكون الخطاب متكفلا لحكم سنخي لسنخ وجود الموضوع القابل للانطباق على شخص آخر منقطع عن الشخص الأول مع فرض اخذ الزمان في جميع هذه الفروض ظرفا ، بحيث لو فرض اخذه في لسان الدليل كان لمحض الإشارة إلى أمد استمرار الحكم أو موضوعه سنخيا أو شخصيا ، كما هو ظاهر. وسيجئ ( إن شاء الله تعالى ) بيان نتيجة هذا التشقيق.