لا فرق فيما ذكرنا من عدم اعتبار مثبتات الأصول العملية بين أن تكون الواسطة العقلية أو العادية المتخللة بين مؤدى الأصل والأثر الشرعي خفية أو جلية. ويظهر من كلام الشيخ قدسسره اعتبار الأصل المثبت إذا كانت الواسطة خفية ، وقد ذكر لذلك أمثلة. وألحق بعض الأعاظم الواسطة الجلية بالواسطة الخفية ، وقال باعتبار الأصل المثبت فيها أيضا.
والتحقيق : أنه لا أثر لخفاء الواسطة فضلا عن جلائها ، فإنه إن كان الأثر أثرا لذي الواسطة حقيقة بحسب ما ارتكز عند العرف من مناسبة الحكم أو الموضوع ـ وإن احتمل ثبوتا أن تكون للواسطة دخل في ترتب الأثر على مؤدى الأصل ـ فهذا لا يرجع إلى التفصيل في عدم اعتبار الأصل المثبت ، فإنه لم يتخلل حقيقة بين مؤدى الأصل والأثر الشرعي واسطة عقلية أو عادية ، فلا وجه لاستثناء الواسطة الخفية من بين الوسائط والقول باعتبار الأصل المثبت فيها.
وإن كان الأثر أثرا للواسطة حقيقة والعرف يتسامح ويعده من آثار ذي الواسطة ، فلا عبرة بالمسامحات العرفية في شيء من الموارد ، فان نظر العرف إنما يكون متبعا في المفاهيم لا في تطبيقها على المصاديق (١) فقد يتسامح العرف في
__________________
لا الحكم التكليفي ، فراجع بيعنا ترى شرحه مفصلا.
١ ـ أقول : إذا قلنا بأنّ «لاتنقض» سبقت بالنسبة إلى مايعدّ بالأنظار العرفيّة المسامحيّة نقضاً وتعبّداً ببقاء المتيقّن وإن لم يكن كذلك دقّة فصارت المسامحة العرفية مرجعا في تحديد مفهوم حرمة نقض الشيء والتعبّد ببقائه وان تطبيق هذا المفهوم على المورد دقيقي عقلي ، وحينئذٍ فالمسامحة العرفيّة كانت مرجعاً في هذا المفهوم لا في تطبيق كبرى الحكم الواقعي ، فلا يحتاج أن يدعي بأن الأثر في دليل الكبرى ثابت حقيقة بنظر العرف الذي الواسطة ؛ وهكذا في مسألة بقاء الموضوع كما سيأتي ( إن