حاكمة على أصالة الظهور في طرف العام ، بل في بعض الفروض يحتمل أن تكون واردة عليها ، وإلى ذلك إشارة الشيخ قدسسره بقوله : « ثم إن ما ذكرنا من الورود والحكومة جار في الأصول اللفظية أيضا ، فإن أصالة الحقيقة أو العموم معتبرة إذا لم يعلم هناك قرينة على المجاز. فان كان المخصص مثلا دليلا علميا كان واردا على الأصل المذكور ، فالعمل بالنص القطعي في مقابل الظاهر كالعمل بالدليل العلمي في مقابل الأصل العملي. وإن كان المخصص ظنيا معتبرا كان حاكما على الأصل الخ ». ولا بأس بشرح عبارة الشيخ قدسسره في المقام ، فإنها لا تخلو عن دقة ، بل قد التبس المراد منها على كثير من الاعلام ، وقبل ذلك ينبغي تقديم مقدمة قد تقدم الكلام فيها في حجية الظواهر.
وهي أن لكل كلام صادر عن كل متكلم دلالة تصورية ودلالة تصديقية. أما الدلالة التصورية : فهي عبارة عن دلالة مفردات الكلام على معانيها اللغوية ، فان لكل كلمة من الكلمات التي يتركب منها الكلام ظهورا في المعنى الموضوعة له ، وهو الذي يخطر في ذهن السامع عند اشتغال المتكلم في الكلام إذا كان السامع عالما بالأوضاع.
وأما الدلالة التصديقية : فتطلق على معنيين :
أحدهما : دلالة جملة الكلام على ما هو المتفاهم منه عند أهل المحاورات ، وهو الذي يقع في جواب السؤال عما قاله المتكلم ، فيقال : قال كذا وكذا ، وثبوت هذه الدلالة للكلام يتوقف على فراغ المتكلم عنه ، فإنه لا يصح السؤال والجواب عما قاله المتكلم مع اشتغاله بالكلام ، إذ للمتكلم أن يلحق بكلامه ما شاء من القرائن والمقيدات والمخصصات في حال اشتغاله بالكلام ، فلا ينعقد لجملة الكلام ظهور إلا بعد فراغ المتكلم عن كلامه ، فينعقد لكلامه ظهور فيما له من المعنى العرفي بحسب ما جرت عليه طريقة المحاورات ، فقد يكون الظهور