ولا ينافي ذلك إطلاق قوله عليهالسلام « فتخير » كما في خبر غوالي اللآلي (١) فان قوله عليهالسلام « فتخير » صالح لكلا الوجهين ، فلا يعارض ظهور قوله عليهالسلام « بأيهما أخذت » في أخذ أحدهما حجة.
نعم : ربما يتوهم دلالة قوله عليهالسلام « موسع عليك بأية عملت » (٢) ـ كما في رواية ابن مهزيار عن كتاب عبد الله بن محمد ـ على كون التخيير في المسألة الفقهية.
ولكن الظاهر من قوله عليهالسلام « بأية عملت » هو الاخذ بأحد المتعارضين حجة وطريقا إلى العمل ، لا مجرد العمل بمضمون أحدهما ، فتأمل جيدا.
ويترتب على كون التخيير في المسألة الأصولية أو في المسألة الفقهية ثمرات مهمة
منها : كون التخيير للمفتي في الفتوى بمضمون أحد الخبرين لو كان التخيير في المسألة الأصولية ، والتخيير للمستفتي في العمل بمضمون أحدهما لو كان التخيير في المسألة الفقهية ، إلا في مقام الترافع وفصل الخصومة ، فإنه لا معنى
__________________
والاتمام ، بل لا محيص من التخيير العملي محضا أو التخيير في المسألة الأصولية المنتجة بالآخرة تعين مدلول أحدهما المأخوذ عليه. وربما يرجح الثاني ظهور قوله : « بأيهما اخذت من باب التسليم وسعك » إذ هو ظاهر في أن طرف التخيير هو الاخذ بالخبر في مقام الاستطراق به الذي لازمه تعين مضمونه عليه بعد اخذه. ثم في كون التخيير في المسألة الأصولية شان المجتهد فقط فرع تخصيص دليله به ، وإلا فللمجتهد بعد الفحص عن المرجحات الفتوى بتخيير المقلد في الاخذ بأحد الخبرين أيضا ، كما أن كون التخيير على هذا بدويا لا شاهد له ، ولا أقل من الاستصحاب. وتوهم : عدم بقاء التحير بعد الاخذ فلا يكون الموضوع باقيا ، مدفوع بان الموضوع هو « المتحير لولا الاخذ » وهو باق ، إذ لا معنى لكون الحكم رافعا لموضوعه ، فتدبر كلماته ، فإنه لا يخلو من أنظار
١ ـ غوالي اللئالي : ج ٤ ص ١٣٣.
٢ ـ الوسائل : الباب ١٥ من أبواب القبلة ، الحديث ٨.