فيه عين الكلام في الاجزاء في جريان البراءة الشرعية وعدم جريان البراءة العقلية ، سواء كان منشأ انتزاع الشرطية أمرا متحدا مع المشروط في الوجود كالايمان في الرقبة ، أو مباينا له في الوجود كالطهارة في الصلاة ، فان المناط في جريان البراءة : هو أن يكون المشكوك فيه مما تناله يد الوضع والرفع الشرعي ولو بوضح منشأ الانتزاع ورفعه ، وأن يكون في رفعه منة وتوسعة على المكلفين ، وهذا المناط يعم الشك في الاجزاء والشروط على نسق واحد ، فالبحث عن الاجزاء يغني عن البحث في الشروط والموانع ولا يحتاج إلى إطالة الكلام فيه ، ونحن إنما أفردنا البحث عن الشروط للتنبيه على أمر ، وهو أن منشأ انتزاع الشرطية
تارة : يكون هو التكليف الغيري المتعلق بأجزاء العبادة وشرائطها ، كقوله : « لا تصل في الحرير وفيما لا يؤكل ». وأخرى : يكون منشأ الانتزاع هو التكليف النفسي ، وهذا إنما يكون في الشرائط التي كان منشأ اعتبارها هو وقوع التزاحم بين التكاليف النفسية ، كشرطية إباحة المكان في الصلاة ، فان منشأ انتزاع الشرطية هو النهي النفسي المتعلق بالغصب بناء على امتناع اجتماع الأمر والنهي وتغليب جانب النهي على ما أوضحناه في محله.
فإن كان منشأ انتزاع الشرطية هو التكليف الغيري ، فحكمه ما تقدم : من جريان البراءة الشرعية عند الشك في الشرطية (١) من غير
__________________
واما لو كان من قبيل الثاني ، فلا شبهة في أن للأول وجود لو كان هو الفاقد فلا نعلم بوجوب الحصة من الطبيعي المحفوظ فيه ، لاحتمال كون الواجب حصة أخرى الواجدة للقيد أو القابل لايجاده فيه ، ولازمه حينئذ تردد الواجب بين الجامع وبين الوجودين أو خصوص الواجد ، من دون يقين بمرتبة محفوظة في ضمن مرتبة أخرى ، وبهذا المعيار يسلك في مقام التميز بين باب الأقل والأكثر من المشروطات بالأمور العرضية والمقيدات وبين باب التعيين والتخيير ، ونأخذ بمسلك البراءة في الأول والاحتياط في الثاني ، فافهم واغتنم.
١ ـ أقول : بعد فرض الوجوب الغيري بما هو مقدمة فارغا عن المقدمية ، فجهة مقدميته لابد أن يكون