أصالة الفساد ، لارتفاع موضوعها بذلك ، كما هو الشأن في كل أصل سببي ومسببي.
هذا ، ولكن يمكن أن يقال : إن فساد المعاملة الربوية ليس لأجل حرمتها التكليفية ، بل لأجل انتفاء شرط من شروط العوضين وهو التساوي بين المالين إذا كانا من المكيل والموزون (١) فتصح دعوى عدم التلازم بين الحلية والصحة ، ولأجل ذلك لا تصح المعاملة الربوية في حق الناسي والجاهل القاصر ، فأصالة الحل في المعاملة لا تنفع في صحتها ، لعدم كون الفساد فيها مسببا عن الحرمة التكليفية ، بل مسببا عن عدم التساوي بين المالين ، فتأمل جيدا.
هذا ما كان يهمنا بيانه من التنبيهات المتعلقة بالشبهة المحصورة ، وقد بقي بعض التنبيهات لا يهمنا التعرض لها ، لأنها قليلة الجدوى ، وإن أطال الشيخ قدسسره الكلام في بعضها.
المقام الثاني :
في الشبهة الغير المحصورة
وقبل التعرض لحكمها ينبغي بيان الضابط لكون الشبهة غير محصورة.
__________________
١ ـ أقول : بعد تسليم أن النهي عن التسبب بالعقد إلى المعاملة يقتضي عدم السلطنة عليه المستتبع لفسادها لا محيص إلا من الالتزام بأن الفساد من آثار هذه الحرمة الوضعية الملازم لعدم القدرة على التسبب ، بل ربما يستفاد شرطية التساوي بين العوضين من مثل هذا النهي. نعم : الذي يسهل الخطب هو أن النهي التكليفي المولوي لا يقتضي إلا عدم القدرة الشرعية كسائر الأفعال المحرمة ، وذلك لا يقتضي نفي القدرة العقلية على التسبب بالعقد إلى المعاملة ، وما هو ملازم للبطلان هو ذلك ، لا الأول ، ولذا نقول : إن النهي عن المعاملة بأي وجه منه لا يقتضي الفساد ، إلا إذا كان للارشاد إلى عدم قدرته على إيجادها حقيقة ، كما لا يخفى ، فتدبر.