ثم إن شيخنا الأستاذ ـ مد ظله ـ
تنظر فيما أفاده الشيخ قدسسره من عدم الملازمة بين الحلية التكليفية والحلية الوضعية في المعاملات بما حاصله : أن المنهي عنه في باب المعاملات إنما هو إيقاع المعاملة على وجهها ، وليس المنهي عنه هو إيقاع المعاملة بما أنه إيقاع وعقد لفظي ، فإنه لا ينبغي التأمل في عدم حرمة التلفظ بالعقد بما أنه عقد ولفظ ، بل المحرم هو إيجاد النقل والانتقال الحاصل من العقد.
وبعبارة أخرى : المنهي عنه هو إيقاع العقد على أن يكون آلة لايجاد المعنى الاسم المصدري من النقل والانتقال ، والمبحوث عنه في باب النهي عن المعاملات من أنه يقتضي الفساد أو لا يقتضيه إنما هو إذا كان النهي عن هذا الوجه ، ضرورة أنه لا يتوهم اقتضاء النهي عن العقد بما أنه لفظ للفساد ، لان حرمة اللفظ لا دخل له بالنقل والانتقال.
وبالجملة : لا إشكال في أن المنهي عنه في المعاملة الربوية إنما هو المعنى الاسم المصدري باعتبار صدوره عن العاقد بالعقد اللفظي أو بغيره ، وحرمة المعاملة على هذا الوجه تستتبع الفساد لا محالة ، لخروج المسبب عن تحت سلطنة المالك بالمنع الشرعي ـ كما أوضحناه في محله ـ وكما أن حرمة المعاملة على هذا الوجه تستتبع الفساد ، كذلك حلية المعاملة على هذا الوجه تستتبع الصحة ، وعلى ذلك يبتني جواز التمسك بقوله تعالى : « أحل الله البيع » لنفوذه وصحته ، حتى لو كان المراد من الحلية الحلية التكليفية ـ كما استظهره الشيخ ـ قدسسره في كتاب البيع لان حلية البيع على الوجه المذكور تلازم الصحة والنفوذ ، وحينئذ تصح دعوى التلازم بين حلية المعاملة وصحتها وحرمة المعاملة وفسادها ، فلا مجال للتفكيك بين التكليف والوضع ، بل تكون الحل حاكمة على