من غير بيان الفارق.
وجه الفساد : هو أنه في مثل المقام لا يجوز التمسك بالعموم في الشبهات البدوية فضلا عن المقرونة بالعلم الاجمالي ، لما عرفت من أن الشبهة فيه مصداقية ، ولا فرق في عدم جواز الرجوع إلى العموم فيها ، بين أن نقول : بأن العلم الاجمالي بالمخصص يمنع عن الرجوع إلى العموم أو لا يمنع ، فان ذلك البحث إنما هو في الشبهات الحكمية.
نعم : لو أغمضنا عن كون الشبهة فيما نحن فيه مصداقية أو قلنا بجواز التمسك بالعموم في الشبهات المصداقية ـ كما ذهب إليه بعض ـ لكان للبحث عن أن العلم الاجمالي بالمخصص هل يمنع عن الرجوع إلى العموم أو لا يمنع في الموارد التي لا يمنع عن الرجوع إلى الأصول العملية؟ مجال.
والحق : أنه يمنع ، للفرق بين الأصول العملية والأصول اللفظية ، فان المطلوب في الأصول العملية هو مجرد تطبيق العمل على المؤدى ، وربما لا يلزم من جريانها في موارد العلم الاجمالي مخالفة عملية ، وهذا بخلاف الأصول اللفظية ، فان اعتبارها إنما هو لأجل كونها كاشفة عن المرادات النفس الأمرية ، والعلم الاجمالي بالمخصص يمنع عن كونها كاشفة كما لا يخفى (١).
ولعله إلى ذلك يرجع ما ذكره الشيخ قدسسره أخيرا من إبداء الفرق بين الأصول العملية والأصول اللفظية ، ولتفصيل الكلام في ذلك محل آخر.
__________________
١ ـ أقول : ولكن لازم ذلك أن يفرق على مختاره بين الأصول المحرزة وغيرها ، فلا مجال لاجراء الأصول المحرزة أيضا ، كما أشرنا في الحاشية السابقة ، وأشرنا أيضا أن المدعى باطل حتى في الطرق ، لان العلم الاجمالي لا يمنع عن الكشف النوعي الذي هو مورد تتميم الكشف تعبدا في الطرفين ، إذ لكل طرف جهة كشف وحكاية عن الواقع تفصيلا ، بحيث لا ينافي مع العلم الاجمالي بخلافهما لا وجدانا ولا تعبدا ، كما لا يخفى.