وأخرى : يلاحظ الزمان في ناحية نفس الحكم الشرعي : من الوجوب أو الحرمة ، فيكون الحكم الشرعي ثابتا في كل آن من آنات الزمان.
فعلى الأول : يكون العموم الزماني تحت دائرة الحكم ويرد الحكم عليه ، فان الحكم كما يرد على المتعلق يرد على قيده أيضا ، والمفروض : أن الزمان في الوجه الأول يكون قيدا للمتعلق فيرد الحكم عليه لا محالة.
وعلى الثاني : يكون العموم الزماني فوق دائرة الحكم وواردا عليه ، وسيأتي لذلك مزيد بيان.
وهذان الوجهان ـ أي كون العموم الزماني قيدا للحكم أو المتعلق ـ وإن كانا يتحدان بحسب النتيجة ، بداهة أنه لا فرق بين قوله : « الشرب في كل آن آن حرام » وبين قوله : « الشرب حرام والحرمة ثابتة له في كل آن آن » فان النتيجة في كل منهما إنما هي دوام الحكم واستمراره في جميع الآنات ، إلا أنهما يختلفان فيما هو المهم بالبحث في المقام ، على ما سيأتي توضيحه.
الامر الخامس : يختلف العموم الزماني الملحوظ في ناحية المتعلق مع العموم الزماني الملحوظ في ناحية الحكم من جهتين :
الأولى : إذا كان العموم الزماني قيدا للمتعلق فيمكن أن يتكفل اعتباره نفس دليل الحكم ، كقوله : « أكرم العلماء في كل زمان » أو « دائما » وكقوله : « نسائكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم » وأما إذا كان العموم الزماني قيدا للحكم فلا يمكن أن يتكفل بيانه نفس دليل الحكم ، بل لابد من بيانه بدليل منفصل (١) فان استمرار الحكم ودوام وجوده إنما هو فرع ثبوت الحكم
__________________
١ ـ أقول : ولا يخفى عليك : ان المولى لو قال : « يجب اكرام العالم مستمرا إلى آخر الشهر » مع إقامة القرينة الحافة بالكلام على وجه يصير ظاهرا في رجوع القيد إلى الحكم لا الموضوع ، فهل هذا الدليل الواحد غير متكفل لثبوت الحكم واستمراره؟ فلم يحتاج إلى اثبات الاستمرار من دليل آخر منفصل؟ وما الفرق من هذه الجهة بين استمرار الموضوع والحكم؟ إذ كل منهما محتاج على ما دل على استمرارهما