شيخنا الأستاذ ـ مد ظله ـ وحاصله : أنه يمكن أن يكون المكلف به في الواقع أولا في حق الذاكر والناسي هو خصوص بقية الاجزاء ما عدا الجزء المنسي (١) ثم يختص الذاكر بتكليف يخصه بالنسبة إلى الجزء الذاكر له ، ويكون المكلف به في حقه هو العمل المشتمل على الجزء الزائد المتذكر له ، ولا محذور في تخصيص الذاكر بخطاب يخصه ، وإنما المحذور كان في تخصيص الناسي بخطاب يخصه ـ كما في الوجهين الأولين ـ فلا يرد على هذا الوجه ما كان يرد على الوجهين المتقدمين.
نعم : يختص هذا الوجه باشكال ، وهو أن التكليف بالجزء الزائد لو كان بخطاب يخصه ، فأقصى ما يقتضيه الخطاب المختص بالذاكر هو وجوب ذلك الجزء في حقه ، وأما كونه مرتبطا ببقية الاجزاء بحيث يوجب الاخلال به عمدا بطلان سائر الأجزاء فهو مما لا يقتضيه ذلك الخطاب ، فليكن التكليف بالجزء الزائد من قبيل الواجب في ضمن واجب آخر ، بمعنى أن يكون ظرف امتثاله ظرف امتثال سائر الأجزاء من دون أن يكون بينه وبينها ما يقتضي الارتباطية.
__________________
١ ـ أقول : ما المراد من الامر ببقية الاجزاء بعد اختلافها حسب اختلاف نسيانه؟ فان كان عنوان المأمور به عنوان « بقية الاجزاء » فالناسي غير ملتفت إلى هذا العنوان ، وإن كان المراد الامر بأجزاء معينة بمقدار منه للجميع بأي جزء يوجد فالمأمور به يمكن ان يكون هو المنسي ، فتدبر.
ثم إن هذا الاشكال لا يرد على استاذنا الأعظم ، فإنه ما جعل عنوان المأمور به المشترك بين العامد والناسي كما أفيد في المتن ، بل جعل المأمور به الاجزاء التي يكون لدليله إطلاق لحال النسيان أيضا ، وأن الامر متعلق بالخالي عما شك بحسب دليله للشمول لحال النسيان ، فان في الالتفات إلى مثل هذا العنوان لا يحتاج إلى الالتفات إلى نسيان نفسه ، بخلاف ما ذكر من العنوان ، وأظن أن الاختلاف نشأ من سوء التعبير.
نعم : الذي يرد على استاذنا هو أن تصحيح الامر بالناسي لا يكون مخصوصا بما شك في إطلاق دليله لحال النسيان ، بل ربما يجيء في صورة إطلاق دليله أيضا ، غاية الامر بمثل هذا الدليل يخصص الاطلاق أيضا بحال الذكر ، فتدبر.