فيه لا يعقل تحققه إلا باتحاد القضيتين ولابد من إحراز الاتحاد ، فلا يجري الاستصحاب مع الشك فيه ، لأنه يكون من التمسك بالعام في الشبهات المصداقية ، كما لا يخفى.
ولا فرق في ذلك بين الاستصحابات الحكمية وبين الاستصحابات الموضوعية ، كما لا فرق بين المحمولات الأولية وبين المحمولات المترتبة ، غايته أنه في المحمولات الأولية يكون الموضوع نفس الماهية المعراة عن الوجود والعدم ، وفي المحمولات المترتبة يكون الموضوع الماهية المقيدة بالوجود أو العدم.
وتوضيح ذلك : هو أن الشك تارة : يكون في المحمولات الأولية من الوجود والعدم. وأخرى : يكون في المحمولات المترتبة من القيام والقعود والكتابة والعدالة ونحو ذلك من المحمولات التي لا يصح حملها على الماهية إلا بعد وجودها ، سواء كان بلا واسطة كالقيام والقعود ، أو كان مع الواسطة كحركة الأصابع ، فان الشخص إنما يكون متحرك الأصابع بتوسط الكتابة.
فان كان الشك في المحمول الأولي : فالموضوع في القضية المشكوكة والقضية المتيقنة نفس الماهية المجردة عن الوجود والعدم ، فإنه لا يمكن الشك في وجود الشيء بقيد كونه موجودا ، بل لابد من فرض الشيء ، بما له من التقرر الذهني معرى عن الوجود والعدم ، ليستصحب وجوده إن كان مسبوقا بالوجود ، أو عدمه إن كان مسبوقا بالعدم ، ولا إشكال في بقاء الموضوع واتحاد القضية المتيقنة مع القضية المشكوكة في استصحاب الوجود والعدم ، فان الشيء الذي يشك في بقاء
__________________
بنينا على الاستحالة ، فإنه بملاحظة احتمال تبدل الموضوع وإن يشك في العرض ، ولكن هذا الشك يلازم مع الشك في استعداد المستصحب للبقاء ، فبناء على اعتباره ـ على مختاره ـ فلا مجال لاستصحابه. وإلى ذلك نظر شيخنا العلامة في إقامة البرهان ، فلا مجال لرده بأنه من باب تبعيد المسافة ، إذ الكلام في البقاء التعبدي لا الحقيقي ، وان البرهان يناسب الأول لا الثاني ، فلا يكون في المقام محل لهذا البرهان ، كما تخيل بعض من الأساطين.