الأول هو الدرهم ، ألا ترى أنه لو قال المالك : آجرتك بدرهم وقال المستأجر بل آجرتني بثوب يسوي قيمته درهم ، لم يكن ذلك اتفاقا منهما على كون ثمن الإجارة هو الدرهم ، وذلك واضح.
الفرع الثاني : ما إذا ادعى المستأجر اجرة مدة معلومة أو عوضا معينا ، وأنكر المالك التعيين فيهما. وقد قوى في هذا الفرع تقديم قول المستأجر إذا لم يتضمن دعوى. وعن جامع المقاصد في شرح قوله : « والأقوى التقديم فيما لم يتضمن دعوى » ما حاصله : أن المستأجر تارة يدعي اجرة تساوي أجرة المثل ، وأخرى يدعي اجرة أنقص من أجرة المثل ، فعلى الأول : يقدم قول المستأجر ، لان دعواه لا تتضمن دعوى على المالك. وعلى الثاني : لا يقدم قول المستأجر ، لان دعواه تتضمن عدم استحقاق المالك أجرة المثل.
أقول : لا فائدة في تقديم قول المستأجر لو كان يدعي اجرة تساوي أجرة المثل ولا أثر لجريان أصالة الصحة في عقد الإجارة ، فإنه على التقديرين لا يطالب أكثر من أجرة المثل ، سواء قلنا بصحة عقد الإجارة أو فسادها. وعلى كل حال : يستفاد من قول العلامة : « والأقوى التقديم فيما لم يتضمن دعوى » عدم إثبات أصالة الصحة في العقود اللوازم والملزومات.
قد تقدم أن أصالة الصحة في العقود تكون حاكمة على أصالة الفساد وعدم انتقال المال عن مالكه إذا لم يكن في البين أصل موضوعي آخر ، كما إذا كان الشك متمحضا في شرائط العقد ـ من العربية والماضوية والصراحة ونحو ذلك ـ فإنه ليس في البين أصل عملي يكون مفاده عدم وقوع العقد بالعربية أو الماضوية ، لان العقد حال وقوعه : إما أن يكون واجدا للشرائط المعتبرة فيه وإما أن يكون فاقدا لها ، فليس في البين إلا أصالة الفساد وعدم انتقال المال