عن مالكه ، ولا مجال لها مع أصالة الصحة ، سواء قلنا : إن أصالة الصحة من الأصول المحرزة المتكفلة لتنزيل أو قلنا : إنها من الأصول الغير المحرزة ، فإنه على كل تقدير تقدم على أصالة الفساد إما بالحكومة بناء على كونها من الأصول المحرزة ، فإنها تكون حينئذ محرزة لشرائط العقد ووقوعه بالعربية مثلا (١) وإما بالتخصيص بناء على كونها من الأصول الغير المحرزة ، فإنه لو قدم أصالة الفساد لم يبق لأصالة الصحة مورد. هذا إذا لم نقل بأنها من الامارات ، وإلا كان تقديمها على أصالة الفساد في غاية الوضوح وإن كان القول بكونها من الامارات بعيدا غايته ، فإنه ولو سلم كون الصحة من مقتضيات ظهور حال المسلم في عدم إقدامه على الفساد ، إلا أنه قد عرفت : أن عمدة الدليل على اعتبار أصالة الصحة هو الاجماع ، ولم يظهر من الاجماع أن اعتبارها كان لأجل كشفها عن الصحة.
وبعبارة أخرى : لم يعلم أن التعبد بها كان تتميما لكشفها ، وقد تقدم ـ في المباحث السابقة ـ أنه لا يكفي في كون الشيء أمارة مجرد كونه واجدا لجهة الكشف ما لم يكن اعتباره من تلك الجهة ، فالقول بأمارية أصالة الصحة مما لا سبيل إليه. ولكن لا يتفاوت الحال من الجهة التي نحن فيها ، وهي حكومتها على أصالة الفساد إذا لم يكن في البين أصل موضوعي آخر غير أصالة عدم الانتقال.
وإن كان في البين أصل موضوعي آخر : فان كان مؤداه عدم تحقق الشرائط الراجعة إلى سلطنة المالك أو قابلية المال للنقل والانتقال ، فقد تقدم أنه لا تجري أصالة الصحة عند الشك فيها ، بل لو كان الشك في الصحة والفساد مسببا عن الشك فيما يعتبر في سلطنة المالك أو قابلية المال للنقل والانتقال لم تجر
__________________
١ ـ أقول : ولو قلنا بالأمارية لا يثبت عربية العقد ، فضلا عن أن يكون من الأصول المحرزة.