كلا التقديرين : إما أن يتردد متعلق المتعلق بين أمور محصورة ، وإما أن يتردد بين أمور غير محصورة ، على ما سيأتي من الضابط لهما.
فهذه جملة الأقسام المتصورة في الشك في المكلف به المردد بين المتباينين.
وأما المردد بين الأقل والأكثر : فأقسامه أيضا كثيرة يأتي تفصيلها في المقام الثاني
والأقوى في جميع الأقسام المذكورة للشك في المكلف به المردد بين المتباينين هو وجوب الموافقة القطعية وحرمة المخالفة القطعية ، إلا إذا كان هناك مانع عقلي كما في موارد دوران الامر بين المحذورين على ما تقدم بيانه ، أو مانع شرعي كما في موارد قاعدة الفراغ والتجاوز أو غير ذلك : وسيأتي بيانه.
البحث عن وجوب الموافقة القطعية وحرمة المخالفة القطعية في موارد الشك في المكلف به إنما يقع بعد الفراغ عن ثبوت التكاليف الواقعية وإطلاق أدلتها وعدم تقييدها بصورة العلم (١) حكما وموضوعا وبعد كون الألفاظ موضوعة للمعاني النفس الامرية من غير دخل للعلم في ذلك (٢) بداهة أن مسألة دخل العلم في معاني الألفاظ إنما هي من المسائل اللغوية ، ومسألة إطلاق الأدلة من المسائل الفقهية ، والبحث عنهما لا يناسب الأصولي ، مع أن كلا من المسألتين من المسائل الواضحة المتسالم عليها ، فالمبحوث عنه في المقام إنما هو ثبوت الرخصة الظاهرية التي اقتضتها الأصول العملية وعدم ثبوتها مع بقاء الواقع على ما هو عليه من غير تقييد ولا نسخ ولا تصويب.
__________________
١ ـ أقول : أي التفصيلي ، وإلا فالعلم الاجمالي غير مانع عن الجريان في المقام.
٢ ـ أقول : مع أن محط الكلام بعد الفراغ عن العلم بأي وجه بلا احتياج إلى النزاع في مسألة أخرى ، كما هو واضح.