التخصيص المستهجن ، ولا عبرة بقلة أفراد أحد العامين وكثرتها ، بل العبرة باستلزام التخصيص المستهجن.
ومنها : ما إذا كان أحد الدليلين واردا مورد التحديدات والأوزان والمقادير والمسافة ونحو ذلك ، فان وروده في هذه الموارد يوجب قوة الظهور في المدلول بحيث يلحقه بالنص ، فيقدم على غيره عند التعارض.
ومنها : ما إذا كان أحد العامين من وجه واردا في مورد الاجتماع مع العام الآخر ، كما إذا ورد قوله : « كل مسكر حرام » جوابا عن سؤال حكم الخمر ، وورد أيضا ابتداء قوله : « لا بأس بالماء المتخذ من التمر » فان النسبة بين الدليلين وإن كانت هي العموم من وجه ، إلا أنه لا يمكن تخصيص قوله : « كل مسكر حرام » بما عدا الخمر ، فإنه لا يجوز إخراج المورد ، لان الدليل يكون نصا فيه ، فلابد من تخصيص قوله : « لا بأس بالماء المتخذ من التمر » بما عدا الخمر.
هذا كله فيما يندرج في « الامر الأول » وهو ما إذا كان أحد المتعارضين نصا في تمام المدلول أو في بعضه دون الآخر.
وأما ما يندرج في الامر الثاني : وهو أن يكون أحد الدليلين قرينة عرفية على التصرف في الآخر ، فهو وإن لم ينضبط كلية ، لاختلاف ذلك باختلاف المقامات والخصوصيات المحتفة بالكلام ـ من القرائن الحالية والمقالية وخصوصيات المتكلم وغير ذلك مما يكون أحد الكلامين قرينة على التصرف في الآخر ـ إلا أن المنضبط من ذلك أمور :
منها : ما إذا تعارض العام الأصولي والاطلاق الشمولي ودار الامر بين تقييد المطلق أو تخصيص العام (١) كقوله : « أكرم العالم » و « لا تكرم الفساق » فإنهما
__________________
١ ـ أقول : يكفي في مقدمات الحكمة كون المتكلم في مقام بيان مرامه بهذا اللفظ المشغول به ، فان هذا المقدار يوجب ظهور اللفظ في المرام بمحض عدم ضم قرينة بهذا الكلام. ولا ينافي ذلك وجود قرينة منفصلة أخرى على جزء مرامه واقعا ، إذ إرادته الواقعية المتعلقة بجزء آخر لا ينافي كونه في مقام بيان تمام