فيه ، فليس الاستصحاب عبارة عن « الحكم بدوام ما ثبت » بل لو كان حقيقة الاستصحاب ذلك لكان الاستصحاب من الاحكام الواقعية ، وعلى فرض أن يكون من الاحكام الظاهرية باعتبار أخذ الشك في الحكم بالبقاء فيه ـ مع أنه لم يذكر في التعريف ـ فليس مفاد الأخبار الواردة في الباب ذلك.
فالأولى في تعريفه هو أن يقال : إن الاستصحاب عبارة عن عدم (١) انتقاض اليقين السابق المتعلق بالحكم أو الموضوع من حيث الأثر والجري العملي بالشك في بقاء متعلق اليقين (٢) وهذا المعنى ينطبق على ما هو مفاد الاخبار ، وليس حقيقة الاستصحاب إلا ذلك ، وسيتضح أن الوجه في أخذ بعض القيود في التعريف إنما هو لاخراج « قاعدة اليقين » و « قاعدة المقتضي والمانع » بل ولاخراج « الشك في المقتضي » أيضا الذي لا نقول باعتبار الاستصحاب فيه ، وسيظهر أيضا انطباق التعريف على ما يستفاد من الأخبار الواردة في الاستصحاب.
ـ الامر الثاني ـ
يظهر من بعض كلمات الشيخ قدسسره أن الاستصحاب إنما يكون من القواعد الفقهية وليس من المسائل الأصولية. ويظهر من بعض آخر : أنه من المسائل الأصولية. والحق هو التفصيل بين الاستصحابات الجارية في الشبهات
__________________
١ ـ لا يخفى : أن الاستصحاب لو كان عبارة عن حكم الشارع بعدم انتقاض اليقين السابق بالشك اللاحق لكان حمل الحجية عليه من قبيل حمل الحجية على المفهوم ، وليس كحمل الحجية على الخبر الواحد ، فتأمل جيدا ( منه ).
٢ ـ أقول : الأولى أن يقال : إن حقيقة الاستصحاب عند القوم برمتهم التصديق ببقاء ما كان ظنا أم يقينا تعبدا ، إذ ربما أمكن إرجاع تعريف الشيخ إليه ، لان المستفاد من هيئة « الابقاء » هو الحكم به الراجع إلى التصديق به بأحد الوجهين ، بقرينة إشعار وصف « ما كان » بالعلية ، فيخرج الابقاء للدليل ، فتأمل.