بينه وبين التزاحم والحكومة وأقسام التعارض وأحكامها ، فالكلام يقع في مباحث.
المبحث الأول
في ضابط التعارض
إعلم أن تعارض الدليلين إنما يكون باعتبار عدم إمكان اجتماع المحكي والمنكشف بهما بحيث يؤل حكايتهما إلى اجتماع الضدين ويكشفان عن ثبوت النقيضين في نفس الامر وفي عالم الجعل والثبوت ، ضرورة أنه لو أمكن اجتماع المحكيين بهما في عالم الجعل والتشريع لم يتحقق التعارض بين الدليلين ، فان التعارض إنما يعرض الدليلين باعتبار كونهما يثبتان المتنافيين ويحكيان عن المتناقضين ، فلابد في تعارض الدليلين من تنافي مدلوليهما بحيث لا يمكن اجتماعهما في الوعاء المناسب لهما : من وعاء التكوين أو وعاء الاعتبار والتشريع ، سواء كان التنافي في تمام المدلول أو في جزئه ـ كالعامين من وجه ـ وسواء كان التنافي بينهما لأجل امتناع اجتماعهما ذاتا في حد أنفسهما ، أو كان التنافي بينهما لأجل ما يلزمهما من اللوازم التكوينية والشرعية ، أو كان التنافي بينهما باعتبار بعض العوارض والحالات اللاحقة للموضوع : من الانقسامات السابقة على الحكم أو اللاحقة له بعد الحكم ، فكما يتحقق التنافي بين الدليلين لو كان مفاد أحدهما حرمة شرب الخمر في زمان ومكان خاص وحالة مخصوصة وغير ذلك من الوحدات الثمانية التي يعتبر في التناقض وكان مفاد الآخر عدم الحرمة في تلك الوحدات ، كذلك يتحقق التنافي لو كان مفاد أحد الدليلين حرمة شرب الخمر في جميع حالاته وكان مفاد الآخر جواز شربه في بعض