حالاته ، فإنه بالنسبة إلى ذلك الحال يلزم اجتماع النقيضين لورود النفي والاثبات عليه ، وكذا يتحقق التنافي لو كان مفاد أحد الدليلين وجوب الصلاة على العالم والجاهل وكان مفاد الآخر عدم وجوبها على الجاهل.
ومن ذلك يظهر (١) فساد الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي بتغاير موضوعيهما (٢) فان موضوع الحكم الظاهري مقيد بالجهل وعدم العلم بالحكم الواقعي وموضوع الحكم الواقعي غير مقيد بذلك ، ضرورة أن الحكم الواقعي وإن لم يمكن فيه الاطلاق والتقييد اللحاظي لحالة العلم والجهل ، إلا أنه لا محيص من نتيجة الاطلاق أو التقييد ، لأنه لا يعقل الاهمال النفس الأمري.
فان كانت النتيجة مطلقة وكان الحكم الواقعي محفوظا في حال علم المكلف وجهله : فلا محالة يلزم اجتماع النقيضين في حال جهل المكلف بالحكم
__________________
١ ـ لا يخفى اختلاف نسخ « الفرائد » في هذا الموضع ، فمن بعضها يظهر : أن الشيخ قدسسره في مقام بيان الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي بتغاير الموضوع ، ومن بعضها يظهر : أنه في مقام بيان تغاير موضوع الأصول العملية مع موضوع الامارات ، لا تغاير موضوع الحكم الظاهري مع الحكم الواقعي ، فراجع وتأمل جيدا ( منه ).
٢ ـ أقول : إن كان الغرض من عدم اختلاف موضوع الحكم الواقعي والظاهري عدم اختلافهما وجودا ، ففي غاية المتانة ، كيف! ولولا اجتماعهما في الوجود لا يبقى مجال اجتماعهما في المورد. وإن كان الغرض عدم اختلافهما في عالم عروض الحكم بحسب موطن عروضه ، ففيه : أن معروض الحكم الواقعي هو الذات في الرتبة السابقة عن الجهل بحكمه ، وفي الحكم الظاهري هو الذات في الرتبة اللاحقة عن الجهل بحكمه ، بناء على التحقيق : من جعل الجهل من الجهات التعليلة للحكم الظاهري ، فإنه حينئذ لابد وأن يرى الذاتان في رتبتين : ذات في الرتبة السابقة عن الجهل ، وذات في الرتبة اللاحقة عن الجهل بحكمه ، ومن البديهي : أن أحد الذاتين غير الآخر في هذا العالم وإن كانا منتزعين عن وجود واحد خارجا ، ولقد حققنا في محله أيضا : بأن الحكم الظاهري يستحيل أن يجتمع مع الحكم الواقعي الفعلي إلا بهذا الاعتبار ، كما هو الشأن في وجه الجمع بين قبح التجري مع حسن العمل واقعا ، وكذلك الامر في طرف العكس بعد الجزم بعدم انقلاب الواقع عما هو عليه بمحض قيام الطريق على خلافه ، خصوصا في الطرق العقلية ، فتدبر.