العقل بحفظ القدرة عليها في ظرف عدم تحقق الخطاب والملاك ، بل ما نحن فيه أولى من المقدمات المفوتة ، لأنه يحتمل أن يكون ظرف وقوع الوطي في كل من أول الشهر وآخره هو ظرف تحقق الملاك والخطاب.
والحاصل : أن العقل يستقل بقبح الاقدام على ما يوجب فوات مطلوب المولى مع العلم بأن للمولى حكما إلزاميا ذا مصلحة تامة ، غايته أن نتيجة حكم العقل بذلك مختلفة ، ففي باب المقدمات المفوتة يلزم حفظ القدرة ، وفيما نحن فيه يلزم ترك الاقتحام في كل واحد من أطراف الشبهة مقدمة لحصول مراد المولى ومطلوبه.
فالانصاف : أنه لا فرق في تأثير العلم الاجمالي في حرمة المخالفة ووجوب الموافقة بين أن لا يكون للزمان دخل في الملاك والخطاب وبين أن يكون له دخل فيهما ، غايته أنه إذا لم يكن للزمان دخل فيهما فنفس أدلة المحرمات تقتضي وجوب الاحتياط في الأطراف بضميمة حكم العقل بوجوب الخروج عن عهدة التكاليف ، وإن كان للزمان دخل فيهما فنفس أدلة المحرمات لا تفي بذلك ، بل يحتاج إلى حكم العقل بقبح تفويت مراد المولى ، فتأمل.
لو بنينا في الموجودات التدريجية على عدم وجوب الموافقة القطعية فلا تحرم المخالفة القطعية أيضا ، لعدم تعارض الأصول ، فيرجع في كل شبهة إلى الأصل الجاري فيها ، ففي مثل الحيض يرجع إلى استصحاب الطهر وأصالة البراءة عن حرمة الوطي ودخول المساجد ونحو ذلك في كلا طرفي الشهر ، وفي مثل المعاملة الربوية يرجع إلى أصالة الحل من حيث التكليف وأصالة عدم النقل والانتقال من حيث الوضع (١) ولا يجوز التمسك بالعمومات لاثبات النقل والانتقال
__________________
١ ـ أقول : في جريان أصالة عدم الانتقال على مختاره : من عدم جريان الأصول المحرزة مع العلم