الأصل المختص به وفي آخره يجري الأصل المختص به ، ولم يجتمع الأصلان في الزمان حتى يتعارضا ويسقط الأصلان ، لان الحيض في آخر الشهر لا يمكن الابتلاء به من أوله والحيض في أول الشهر لا يمكن الابتلاء به في آخره ، فظرف الابتلاء بكل منهما إنما يكون في ظرف عدم الابتلاء بالآخر ، فالشبهة في كل من أول الشهر وآخره تكون بدوية ويجري فيها الأصل بلا معارض ، فللزوج والزوجة ترتيب آثار الطهر في أول الشهر وآخره ، غايته أنه بعد انقضاء الشهر يعلم بمخالفة الواقع ووقوع الوطي في الحيض ، ولكن العلم بالمخالفة في الزمان الماضي لا يمنع عن جريان الأصول في ظرف احتمال التكليف ، لأنه لا دليل على حرمة حصول العلم بالمخالفة للواقع ، حتى يقال : إنه يجب نرك الوطي في أول الشهر وآخره مقدمة لعدم حصول العلم بالمخالفة فيما بعد ، لان الثابت من حكم العقل هو قبح المخالفة والعصيان إذا كان الفاعل ملتفتا حال العمل أو قبله إلى كون العمل مخالفا للتكليف وعصيانا له ، وأما العلم بتحقق المخالفة لخطاب لم يتنجز في ظرفه فلا قبح فيه لا شرعا ولا عقلا ، وقد تقدم شطر من الكلام في ذلك في دوران الامر بين المحذورين. هذا غاية ما يمكن أن يوجه به كلام الشيخ قدسسره.
ولكن للمنع عنه مجال ، فان الصناعة العلمية وان اقتضت جريان الأصول في الأطراف ، إلا أن العقل يستقل بقبح الاقدام على ما يؤدي إلى المخالفة وتفويت مراد المولى (١) فان المقام لا يقصر عن المقدمات المفوتة التي يستقل
__________________
١ ـ أقول : بعد حكم العقل بحفظ القدرة للطرف في ظرف العلم بوجود شرط الوجوب في موطنه ترى تنجز التكليف من ناحية حفظ القدرة في موطنه ، ومع هذا الحكم كيف يرى العقل طرح التكليف المنجز بالأصل في الطرفين؟ ومع ذلك كيف يكون جريان الأصلين بمقتضى الصناعة؟ كما هو ظاهر. ومما ذكرنا ظهر أن فيما نحن فيه مثل باب المقدمات المفوتة يلزم العقل بحفظ القدرة للطرف الآخر المحتمل بضميمة ترك الطرف الآخر المحتمل فعلا بمقتضى العلم الاجمالي بلزوم أحدهما ، فتدبر.