التكليف في بعض الأطراف المعين : من علم أو أمارة أو أصل شرعي أو عقلي ، لكن يبقى الأصل النافي للتكليف في الطرف الآخر بلا معارض ، من غير فرق بين أن يكون الموجب لثبوت التكليف في البعض حاصلا قبل العلم الاجمالي أو بعده ، غايته : أنه في الأول يوجب عدم تأثير العلم الاجمالي ، وفي الثاني يوجب انحلاله (١).
وتفصيل ذلك : هو أن المثبت للتكليف في بعض الأطراف المعين قد يكون هو العلم ، وقد يكون أمارة ، وقد يكون أصلا شرعيا تنزيليا أو غير تنزيلي ، وقد يكون أصلا عقليا ، وعلى جميع التقادير قد يكون ذلك حاصلا قبل العلم الاجمالي ، وقد يكون حاصلا بعده ، وأمثلة الكل وإن كانت لا تخفى على المتأمل ، إلا أنه لا بأس بذكرها تشريحا للذهن.
أما أمثلة ما إذا كان المثبت للتكليف في البعض حاصلا قبل العلم الاجمالي ، فيجمعها ما إذا علم تفصيلا بحرمة شيء معين لنجاسته أو غصبيته أو غير ذلك من أسباب الحرمة ، أو قامت أمارة على حرمته ، أو كان مستصحب الحرمة ، أو كان مما تجري فيه أصالة الحرمة لكونه من الدماء والفروج والأموال ، أو كان مما يجب الاجتناب عنه عقلا لكونه من أطراف العلم الاجمالي ، ثم بعد ذلك حدث موجب آخر للحرمة من سنخ السبب السابق وتردد متعلقها بين أن يكون هو ذلك الشيء المعين الذي كان يجب الاجتناب عنه سابقا أو شيئا آخر ، ففي جميع هذه الصور العلم الاجمالي الحادث مما لا أثر له ، لسبق التكليف بوجوب
__________________
١ ـ أقول : ولا يخفى ما فيه من الخلط ، حيث إنه جعل باب جعل البدل والانحلال من واد واحد ، مع أنك قد عرفت أن الأول تصرف في مرتبة الفراغ بعد تأثير العلم في الاشتغال ، والثاني تصرف في مرتبة تأثير العلم في الاشتغال ، بل وقد ذكرنا أن ذلك لا يكون منتجا لاقتضاء العلم الاجمالي في التنجيز ، وإنما المنتج فيه جواز الترخيص في أحد الطرفين بلا جعل بدل أو انحلال ، كما لا يخفى. وتوهم عدم مورد له ، مدفوع بما سيجيء من وجود المورد له ( إن شاء الله تعالى ).