لمرتكب الصغيرة والكبيرة ، فإنه وإن علم بضيافة الفاسق ، إلا أنه يشك في تحقق الاكرام المنهي عنه ، لاحتمال أن يكون للتحية دخل في الاكرام.
والسر في ذلك : هو أن متعلقات التكاليف وموضوعاتها إنما هي المسميات والمعنونات الخارجية لا المفاهيم والعناوين (١) فان المفهوم والعنوان غير قابل لتعلق الامر أو النهي به ، بل المأمور به والمنهي عنه في قوله : « أكرم العلماء » و « لا تكرم الفساق » هو واقع الاكرام وحقيقته المتعلق بواقع العالم ، وكذا المأمور به في قوله تعالى : « أقيموا الصلاة » هو حقيقة الصلاة وما هو الصادر عن المكلف خارجا : من القراءة والركوع والسجود وغير ذلك من الاجزاء التي تحمل عليها الصلاة عند اجتماعها ، وليس المأمور به مفهوم الصلاة وعنوانها.
فما ربما يتوهم : من أنه لابد من إحراز انطباق مفهوم الصلاة مثلا على المأتي به خارجا ، فلا يجوز الاقتصار على الأقل المتيقن ، للشك في صدق الصلاة عليه
واضح الفساد ، فان الذي لابد منه هو الاتيان بمتعلق الامر وما هو المطالب به خارجا ، وليس هو إلا الافعال الخارجية (٢) والمقدار المتيقن من تعلق الطلب
__________________
١ ـ أقول : ما هو الصادر خارجا ليس إلا معلول الإرادة ، فكيف يعقل أن يكون موضوعه السابق عنها رتبة؟ نعم : في متعلقات التكليف ـ كالعالم وغيره ـ والعناوين المأخوذة في المكلف مثل « من استطاع » مثلا كون المتعلق والموضوع نفس المعنون خارجيا أو العنوان فرع الكلام في فعلية الإرادة ، فان كان المدار على المرتبة المحركية الفعلية ، فلا محيص من كون الموضوع هو المعنون بوجوده خارجا ، ولكن هذا المعنى غير مأخوذ في مدلول الخطاب الواقعي المحفوظ قبل مرتبة التنجيز ، إذ قبل قيام الطريق إليه لا يبلغ الخطاب إلى مرتبة المحركية بحكم قبح العقاب بلا بيان ، ولا يبقى حينئذ إلا مرتبة فعلية الاشتياق القابلة للتحريك ، ومثل هذا المعنى لا يحتاج فعلية وجوده إلى وجود الموضوع خارجا ، بل يكفي في مثله وجودها في لحاظ الآمر ، ومن هذه الجهة أنكرنا القضية الحقيقية في الخطابات التكليفية الواقعية المحفوظة قبل رتبة التنجيز كما لا يخفى ، فتدبر.
٢ ـ أقول : بناء على ارتباطية حقيقة الصلاة وأن المأمور به هو هذا المعنون المتقوم بالاتيان المزبور