المنافاة بين ما ذكره في « الامر الثالث » وبين ما ذكره في « الامر الثاني » عند رد مقالة المحقق الثاني ، حيث قال رحمهالله ما لفظه « وأما ما ذكره : من أن الظاهر إنما يتم مع الاستكمال المذكور لا مطلقا ، فهو إنما يتم إذا كان الشك من جهة بلوغ الفاعل ولم يكن هناك طرف آخر معلوم البلوغ يستلزم صحة فعله صحة فعل هذا الفاعل الخ » فان ظاهر ما أفاده في « الامر الثاني » هو أن أصالة الصحة في فعل أحد الطرفين تثبت صحة الفعل في الطرف الآخر ، وهذا بظاهره ينافي ما صرح به في « الامر الثالث » من أن أصالة الصحة في فعل الموجب لا نثبت فعل القابل ، فتأمل (١).
وعلى كل حال : لا إشكال فيما أفاده : من أن صحة كل شيء بحسبه ، فصحة الايجاب معناها « أنه لو انضم إليه القبول لكان مؤثرا في النقل والانتقال » وصحة عقد الصرف والسلم معناها « أنه لو تعقبه القبض في المجلس لكان مؤثرا في النقل والانتقال » (٢) فأصالة الصحة في الايجاب أو في عقد
__________________
١ ـ وجهه : هو أنه يمكن دفع التنافي بين الكلامين ، فان ما أثبته في « الامر الثاني » هو أن أصالة الصحة في فعل أحد الطرفين تثبت صحة الفعل الصادر عن الطرف الآخر إذا توقف صحة أحد الفعلين على صحة فعل الآخر ، كما في صورة الشك في بلوغ أحد المتعاقدين ، فان صحة فعل البالغ تتوقف على صحة فعل الآخر المتوقفة على بلوغه أيضا. وما منع عنه في « الامر الثالث » هو أن أصالة الصحة في فعل أحد الطرفين لا تثبت صدور أصل الفعل من الطرف الآخر مع عدم توقف صحة فعل أحدهما على صدور الفعل عن الآخر ، كما في الايجاب ، فان صحته لا تتوقف على وقوع القبول عقيبه ، فما ذكره في « الامر الثاني » لا ينافي ما ذكره في « الامر الثالث » فتأمل جيدا ( منه ).
٢ ـ أقول : الأولى أن يقال : إن القبض بناء المشهور من كونه شرطا ناقلا ، فأصالة الصحة لا يجري في العقد مع الشك فيه ، من جهة أن المتيقن من مجراه صورة احتمال الصحة والفساد حين وجود العقد ، وفي المقام ليس كذلك ، وإلا فلا قصور في جريانها في العقد مع الشك في القبض. نعم : لو كان القبض من أجزاء السبب كان الامر كما ذكر ، ولكن له باثباته! إذ الظاهر من كلماتهم أن القبض شرط صحة العقد لا جزء المؤثر.