فيه بقول مطلق وبين كونه مقطوع الصدور ، بل يصح حمل عدم الريب على الخبر المشهور المدون في كتب الأحاديث المعروف عند الرواة وأرباب الحديث ، فان مثل هذا الخبر مما تطمئن النفس بصدوره ويحصل الركون إليه بحيث لا يلتفت إلى احتمال عدم صدوره ولو كان موجودا في خزانة النفس ، فيصح أن يقال : إنه مما لا ريب فيه بقول مطلق ، بخلاف الخبر النادر الشاذ الذي لم يدون في كتب الأصحاب ولم يكن مشهورا عند أرباب الحديث ، فإنه لا تطمئن النفس بصدوره ، بل ولا يحصل الظن به.
فدعوى : أن المراد من قوله : « ما لا ريب فيه » هو عدم الريب بالإضافة إلى غيره ، مما لا شاهد عليها حتى يقتضي التعدي إلى كل مزية تقتضي أقربيه صدور أحد المتعارضين عن الآخر ، بل قصارى ما يقتضيه التعليل : هو التعدي إلى كل مزية تقتضي الاطمينان بالصدور وركون النفس إليه.
وأما قوله عليهالسلام « فان الرشد في خلافهم » فالامر فيه أوضح ، فان التعليل لا ينطبق على ضابط منصوص العلة ولا يصلح أن يكون كبرى كلية ، لان ضابط منصوص العلة ـ على ما أوضحناه في محله ـ هو أن تكون العلة على وجه يصح ورودها وإلقائها إلى المكلفين ابتداء بلا ضم المورد إليها ، كما في قوله : « الخمر حرام لأنه مسكر » فإنه يصح أن يقال : « كل مسكر حرام » بلا ذكر الخمر ، وكما في قوله عليهالسلام « فان المجمع عليه مما لا ريب فيه » فإنه يصح أن يقال : « خذ بكل ما لا ريب فيه ».
وهذا بخلاف قوله عليهالسلام « فان الرشد في خلافهم » فإنه لا يصح أن يقال : « خذ بكل ما خالف العامة » لما عرفت : من أنه كثير من الاحكام الحقة توافق قول العامة ، فلا يمكن أن يرد قوله عليهالسلام « فان الرشد في خلافهم » دستورا كليا للمكلفين بحيث يكون بمنزلة الكبرى الكلية ، بل لابد