يكون حال الملاقي حال الثمرة والمنافع ، وهذا من غير فرق بين أن نقول : بأن النجاسة متأصلة في الجعل أو أنها منتزعة عن التكليف ، غايته أنه بناء على التأصلية تكون نجاسة الملاقي من شؤون جعل النجاسة للنجس ، وبناء على الانتزاعية يكون وجوب الاجتناب عنه من شؤون وجوب الاجتناب عن النجس.
إذا عرفت ذلك ، فاعلم أنه إن قلنا : إن نجاسة الملاقي للنجس ليست لأجل السراية بل لكونها فردا آخر للنجاسة أوجب الشارع الاجتناب عنها في عرض الاجتناب عن الملاقى ، فلا يجب الاجتناب عن الملاقي لاحد طرفي العلم الاجمالي ، للشك في ملاقاته للنجس المعلوم في البين المستلزم للشك في حكم الشارع عليه بالنجاسة ، فتجري فيه أصالة الطهارة بلا معارض ، كما سيأتي بيانه.
وأما إن قلنا : بأن نجاسة الملاقي للنجس لأجل اتساع النجاسة وسرايتها من النجس إلى ملاقيه ، فلا محيص عن القول بوجوب الاجتناب عن الملاقي لاحد طرفي العلم الاجمالي ، لأنه على هذا يكون النجس المعلوم في البين تمام الموضوع لوجوب الاجتناب عن ملاقيه ، وقد عرفت : أنه كل ما كان للمعلوم بالاجمال من الآثار والاحكام يجب ترتبه على كل واحد من الأطراف ، مقدمة للعلم بفراغ الذمة عما اشتغلت به.
ولا وجه لما ذكره المحقق الخراساني قدسسره من عدم وجوب الاجتناب عن الملاقي لاحد الطرفين وإن كانت نجاسة الملاقي للنجس من الآثار المترتبة شرعا على نفس النجس (١) وذلك لأنه بعد الاعتراف بأن وجوب الاجتناب عن الملاقي للنجس من الاحكام المترتبة. على نفس النجس لا يبقى مجال للقول بعدم وجوب الاجتناب عن الملاقي لاحد الطرفين ، لأنه على هذا يكون الملاقي
__________________
١ ـ أقول : بعدما كان نظره إلى كون نجاسة الملاقي معلول نجاسة الملاقى ( بالفتح ) لا يرد عليه ما أفيد ، إلا بدعوى سراية حكم المعلوم إلى الطرف ، وهو بمكان من الفساد ، كما عرفت.