الغرض من الامر.
وهذا هو المراد من « الغرض » المعطوف على العنوان في كلام الشيخ ، لا الغرض بمعنى الملاك ، فإنه لا ينبغي أن يتوهم أحد وجوب تحصيل القطع بتحقق الملاك الذي لا يكاد يمكن الامر بتحصيله ، فالغرض الذي يمكن أن يقال بوجوب تحصيل العلم بتحققه هو الغرض بمعنى قصد التعبد والامتثال ، فإنه بهذا المعنى يكون من كيفيات المأمور وخصوصياته اللاحقة له بنفس تعلق الامر به.
هذا ، ولكن الانصاف : أنه يمكن القول بالبراءة حتى على القول بتباين الامر التعبدي والتوصلي (١) فان تباين الأمرين لا دخل له بتباين المتعلقين ، ولا إشكال في أن قصد الامتثال يكون قيدا زائدا في المأمور به ، والامر التوصلي فاقد لهذا القيد ، فبالأخرة يرجع الشك في اعتبار قصد الامتثال إلى الشك بين الأقل والأكثر ، سواء قلنا بالجعل الثانوي أو لم نقل ، فتأمل جيدا.
وعلى كل حال : فقد ظهر مما ذكرنا في معنى « الغرض » المعطوف على العنوان أنه لا موقع للاشكال على ذلك (٢) بقوله : « إن قلت إن الأوامر الشرعية
__________________
١ ـ أقول : قد أشرنا سابقا بأن وجه اقتضاء الامر التعبدي للقصد المزبور إنما هو بتوسيط حكم العقل بالاشتغال في تحصيل الفراغ عن الامر المعلوم ، ومع هذا الحكم لا يبقى مجال لمتمم الجعل ، فلا يبقى حينئذ ما هو قابل للرفع : من الامر الجعلي ، كي يجري فيه البراءة الشرعية ، فما أفيد : من رجوع المسألة إلى الشك في القيد الزائد في المأمور به على اي حال غلط ، إذ على فرض جريان قاعدة الاشتغال يكون المسألة من صغريات الشك في دخل قيد زائد في الامتثال ، لا في المأمور به ، وأدلة رفع الامر المجعول أجنبية عن الشمول لمثل هذا القيد ، كما أن « كل شيء لك حلال » أيضا لا تشمل إلا ما احتمل حرمته شرعا لا عقلا ، فتدبر.
٢ ـ أقول : إن كان هذا الاشكال من شخص آخر على كلام من أشكل على « الغرض » المزبور كان لما أفيد وجه ، وأما بعدما كان كلها من كلام واحد ، فلا محيص من حمل « الغرض » على مفاد كلامه الآخر علاوة على صريح كلامه : من إضافة « الغرض » إلى المأمور به الذي هو أجنبي عن قصد