المزاحمة بين حرمة الغصب ووجوب الصلاة وتغليب جانب النهي ، ومن المعلوم : أن تقديم أحد المتزاحمين على الآخر إنما هو في صورة تنجز التكليف بالمتزاحمين ، وإلا لم يقع التزاحم بينهما (١) كما أوضحناه في محله.
وأخرى : يكون منشأ الانتزاع هو التكليف النفسي بوجوده الواقعي وإن لم يتنجز ولم يصل إلى المكلف.
فعلى الوجه الأول : تدور الشرطية مدار تنجز التكليف ووصوله إلى المكلف بالعلم وما يقوم مقامه ، ومع عدم العلم به لا شرطية واقعا ، لعدم تحقق منشأ انتزاعها ، فعند الشك في التكليف النفسي يرتفع موضوع الشرط ويقطع بعدمه وجدانا ، ولا تصل النوبة إلى جريان البراءة عن الشرطية ، لأنه يلزم إحراز ما هو محرز بالوجدان بالتعبد ، كما لا يخفى
وأما على الوجه الثاني : ( وهو ما إذا كان منشأ انتزاع الشرطية نفس التكليف بوجوده الواقعي ) فالشك في التكليف النفسي يلازم الشك في الشرطية ، لأنه يحتمل ثبوت التكليف واقعا ، والمفروض : كون الشرطية تتبع وجوده الواقعي ، وحينئذ لابد من علاج الشك في الشرطية.
فقد يكون الأصل الجاري في طرف التكليف بنفسه رافعا للشك في الشرطية ، وذلك فيما إذا كان الأصل الجاري لنفي التكليف من الأصول التنزيلية المحرزة كالاستصحاب ، فان شأن الأصل المحرز هو رفع التكليف الواقعي ظاهرا ، والمفروض : أن الشرطية مترتبة على وجود التكليف الواقعي ،
__________________
١ ـ أقول : قد تقدم منا بأن التكليفين بشيء مثل باب الصلاة والغصب إنما يكون تضادهما بنفس ذاتهما مع قطع النظر عن مقام تنجزهما. نعم : في المتضادين أمكن دعوى تضادهما في عالم المحركية المساوق للوصول إلى مرتبة التنجز ، وأين هذا بباب اجتماع الأمر والنهي على القول بالامتناع؟ وعلى الجواز فلا مضادة بينهما حتى في مرحلة التنجز ، إلا بتوهم بعيد ، من عدم صلاحية المأمور به للمقربية مع اقترانه مع المبعد ، وهو فاسد أيضا ، كما لا يخفى.