في القاعدة الفقهية فهي تنفع المقلد ، ويجوز للمجتهد الفتوى بها ، ويكون أمر تطبيقها بيد المقلد ، كما يفتي بقاعدة التجاوز والفراغ والضرر والحرج ومالا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده وبالعكس ، وغير ذلك من القواعد الفقهية.
فالقاعدة الفقهية تشترك مع المسألة الفقهية في كون النتيجة فيها حكما جزئيا عمليا يتعلق بفعل المكلف بلا واسطة ، غايته أنه جرى الاصطلاح على اختصاص المسألة الفقهية بما إذا كان المحمول فيها حكما أوليا كان له تعلق بفعل أو بموضوع خاص ـ كمسألة وجوب الصلاة أو حرمة شرب الخمر ـ واختصاص القاعدة الفقهية بما إذا لم يكن للمحمول تعلق بفعل أو موضوع خاص ، بل كان حاويا لعدة من الافعال والموضوعات المتفرقة التي يجمعها عنوان الحكم الحاوي لها ، من غير فرق بين أن يكون المحمول فيها حكما واقعيا أوليا كقاعدة مالا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده الشاملة لجميع أنواع المعاوضات المتفرقة ، أو حكما واقعيا ثانويا كقاعدة لا ضرر ولا حرج الجارية في جميع أبواب الفقه ، أو حكما ظاهريا كقاعدة التجاوز والفراغ.
إذا عرفت ذلك فقد ظهر لك : أن البحث عن حجية الاستصحاب الجاري في الشبهات الحكمية يكون بحثا عن مسألة أصولية (١) فان النتيجة فيه حكم كلي لا يتعلق بعمل آحاد المكلفين إلا بعد تطبيقها على الافعال أو الموضوعات الخارجية الجزئية ، ولا عبرة بيقين المقلد وشكه في ذلك ، بل العبرة بيقين المجتهد وشكه ، وهو الذي يجري الاستصحاب ويكون بوحدته بمنزلة كل المكلفين ، ولا يتوقف إعمال الاستصحاب على تحقق الموضوع خارجا ، بل يكفي فيه فرض
__________________
١ ـ أقول : لازم كلامه إدخال قاعدة الطهارة الجارية في الشبهات الحكمية وكذا غيرها من القواعد الجارية في الشبهة الحكمية في المسائل الأصولية ، مع أنه ليس كذلك ، بل ظاهرهم جعلها من القواعد الفقهية ، فتدبر. ولئن قيل : بأن القواعد ربما تنتج حكما جزئيا وأخرى كليا ، نقول : فالاستصحاب أيضا منها.