الصلاة.
الثالث : أخذ العلم بالنجاسة من حيث كونه منجزا لأحكامها مانعا عنها. وعلى التقادير الثلاثة يصح التعليل الوارد في الرواية وينطبق على المورد.
أما على الوجه الأول : وهو كون العلم بالطهارة شرطا لصحة الصلاة ، فالتعليل بالاستصحاب إنما هو لبيان أن المكلف كان واجدا للشرط لأنه محرز للطهارة بمقتضى الاستصحاب فلا تجب عليه إعادة الصلاة (١) فيستفاد من التعليل كبرى كلية ، وهي « أن كل من كان محرزا للطهارة لا تجب عليه الإعادة » نظير التعليل بالاسكار لحرمة شرب الخمر ، فيكون حاصل التعليل هو « انك أيها السائل لما كنت متيقن الطهارة قبل الدخول في الصلاة وشككت وكان حكمك الاستصحابي هو البناء على طهارتك فأنت محرز للطهارة فلا تجب عليك الإعادة » لان الشرط لصحة الصلاة حاصل وهو إحراز الطهارة ، فيكون الشرط هو الأعم من الطهارة المستصحبة والطهارة الواقعية.
__________________
وجوب الإعادة في كل منهما. وأما بناء على أخذ العلم بالنجاسة مانعا من حيث كونه طريقا فلا تجب إعادة كل من الصلاتين ، لان العلم الاجمالي إنما كان طريقا إلى نجاسة أحد الثوبين ، فلم يتحقق موضوع وجوب الإعادة إلا بالنسبة إلى إحدى الصلاتين ، فيقع الاشكال حينئذ في تعيين ما تجب إعادتها ، لان العلم بالنجاسة لم يتعلق بواحد معين ، فلا وجه لوجوب إعادة أحدهما المعين ، والتخيير في إعادة إحدى الصلاتين لا يخلو عن إشكال : فالمسألة لا تخلو عن غموض وتحتاج إلى مزيد تأمل ، فتأمل ( منه ).
١ ـ أقول : بعدما لا يكفي مجرد الاستصحاب لعدم وجوب الإعادة حيث إنه من الاحكام الطريقية بحسب الانغراس في الأذهان وأن مثل هذه الأحكام أيضا لا يقتضي الاجزاء ، فلا محيص من أن يكون المنشأ أحد الأمرين : إما موضوعية الاستصحاب في صحة الفعل ، أو إفادة الامر الطريقي للاجزاء ، وكلاهما خلاف ما هو المغروس في الأذهان ، حتى ذهن زرارة أيضا ، وحينئذ الاكتفاء بالتعليل في عدم الإعادة بصرف الاستصحاب المغروس في ذهنه وعدم التنبيه على خلاف ما هو المرتكز في ذهنه من الموضوعية أو الاجزاء للامر الطريقي كاشف عن أن تمام العلة هو الاستصحاب لا الغير ، وذلك لا يكون إلا على تقدير احتمال نجاسة جديدة أيضا كالفرع الثاني ، فتكون الرواية حينئذ بقرينته متكفلا لبيان الحكم الظاهري بلا نظر منه إلى صحة العمل واقعا ، فلا ينافي حينئذ مع بقية الروايات في الباب المتكفلة لاثبات الاجزاء وعدم الإعادة ، وحينئذ فما أفيد في المقام بطوله لا يغني من جوع!.