السبب بعد العلم بنجاسة أحدهما المعين أو ما يلحق بالعلم واحتمل أن يكون سبب النجاسة التي قامت عليه البينة غير النجاسة التي علم بها سابقا ، فإنه أيضا لا يكون العلم الاجمالي الحاصل من قول البينة علما بتكليف زائد عما علم به أولا ، كما لا يخفى وجهه.
وأما أمثلة ما إذا حصل المثبت للتكليف في بعض الأطراف بعد العلم الاجمالي ، فيجمعها أيضا ما إذا علم إجمالا بحرمة أحد الشيئين لا على التعيين ثم بعد ذلك علم تفصيلا بحرمة أحدهما المعين ، أو قامت أمارة على حرمته ، أو شك في بقاء حرمته السابقة لكي يجري فيه استصحاب الحرمة التي كانت ثابتة فيه قبل العلم الاجمالي ، أو تبين أن أحد الشيئين المعين كان من الدماء والأموال والفروج لكلي تجري فيه أصالة الحرمة ، أو ظهر أن أحدهما المعين كان طرفا لعلم إجمالي سابق على العلم الاجمالي بحرمة أحدهما.
ففي جميع هذه الصور ينحل العلم الاجمالي ولا يجب الاجتناب عن غير ما ثبت التكليف به ، لان الأصل النافي للتكليف يجري فيه بلا معارض (١) كما في صورة ثبوت التكليف به قبل العلم الاجمالي.
فان قلت : كيف ينحل العلم الاجمالي بذلك مع سبق تأثيره في وجوب الاجتناب عن أطرافه؟ نعم : لو ثبت أن متعلق التكليف المعلوم بالاجمال هو ذلك المعين لكان للانحلال وجه ، وأما لو لم يثبت ذلك فالعلم الاجمالي لا ينحل ، ومجرد ثبوت التكليف في المعين لا يقتضي انحلاله ، فان ذلك لا يزيد على العلم التفصيلي بحدوث سبب التكليف في البعض المعين بعد العلم الاجمالي بالتكليف المردد بين أن يكون متعلقا بذلك المعين أو بغيره ، كما لو وقعت قطرة من الدم في أحد الانائين المعين بعد العلم الاجمالي بنجاسة أحدهما ، ولا إشكال في عدم
__________________
١ ـ أقول : هذا التعليل عليل ، كما أشرنا.