التي تقتضي الجعل والتشريع ، والفرق بينهما مما لا يكاد يخفى ، فان شرائط الجعل إنما تكون من الأمور الخارجية التكوينية التي لا تكاد تنالها يد الجعل والتشريع ، وهي إنما تؤثر في الجعل بوجودها العلمي لا بوجودها الواقعي ، لان وجودها الواقعي متأخر عن الجعل والمجعول ، فان الدواعي عبارة عن العلل الغائية المترتبة على وجود الشيء خارجا ، فلا يمكن أن يكون وجودها الخارجي علة للجعل ، بل العلة للجعل هي وجودها العلمي ، ومن غير فرق بين إرادة الآمر وإرادة الفاعل ، فان انقداح إرادة الامر أو الفعل تتوقف علين العلم بترتب الغاية على المأمور به وعلى الفعل ، سواء وافق العلم للواقع أولا ، بداهة أن العلم بوجود الأسد في الطريق يوجب الفرار عنه ، كان في الطريق أسد أو لم يكن ، هذا حال شرائط الجعل.
وأما شرائط المجعول : فهي بوجودها الخارجي تؤثر في تحقق المجعول وترتبه عليه ، ولا أثر لوجودها العلمي ، فان نسبة الموضوع إلى الحكم نسبة العلة إلى المعلول ، وإن لم تكن من العلة والمعلول حقيقة ، وإلا أنه من حيث عدم تخلف الحكم عن موضوعه يلحق بباب العلة والمعلول ، فإنه بعدما رتب الحكم على شيء واخذ مفروض الوجود في ثبوت الحكم وتحققه لا يحاد يمكن تخلف الحكم عن ذلك الشيء ، بأن يوجد الحكم قبل وجوده أو بعد وجوده بزمان ، وإلا يلزم الخلف وأن ما فرض كونه موضوعا لم يكن موضوعا.
ومن هنا يظهر : أن ما ذكره المحقق الخراساني قدسسره في باب الشرط المتأخر : من أن الشرط هو اللحاظ والوجود العلمي المتقدم على المشروط فلا يلزم انخرام قاعدة تقدم الشرط على المشروط ، إنما هو خلط بين شرائط الجعل وبين شرائط المجعول ، فان اللحاظ والوجود العلمي إنما ينفع في شرط الجعل ، والمبحوث عنه في باب الشرط المتأخر إنما هو تأخر شرط المجعول الذي اخذ شرطا بوجوده الخارجي. وهذا من أحد المواقع التي وقع الخلط فيها بين شرائط الجعل