الأصل المثبت ، وليس ذلك إلا لأجل أن لازم بقاء الماء في الحوض هو انغسال الثوب به عقلا ، ففيما نحن فيه أيضا لازم بقاء الرطوبة في أحد المتلاقيين هو التأثير والتأثر وانتقال الاجزاء المائية من أحدهما إلى الآخر (١).
فالانصاف : أنه لا فرق بين استصحاب بقاء الماء في الحوض وبين استصحاب بقاء الرطوبة النجسة في الذباب الطائر من المحل النجس ، فكما أنه في الأول لا يمكن الحكم بطهارة الثوب المغسول في الحوض ، كذلك في الثاني لا يمكن الحكم بنجاسة المحل الذي لاقاه الذباب ، إلا إذا قلنا بكفاية مجرد مماسة النجس الرطب للطاهر في الحكم بالتنجيس.
نعم : في خصوص مطال الذباب احتمال آخر مال إليه بعض ، وهو عدم نجاسة الذباب بملاقاته للنجس. ولعله لقيام السيرة على عدم الاعتناء بملاقات الذباب الطائر من المحل النجس إلى المحل الطاهر ، وعلى هذا يخرج المثال عما نحن فيه ، لأنه لا يجري استصحاب بقاء الرطوبة النجسة في الذباب ، كما لا يخفى.
وأما ما ذكره : من استصحاب عدم دخول هلال شوال في يوم الشك لاثبات كون الغد يوم العيد فيترتب عليه أحكام العيد من الصلاة والغسل والفطرة ونحو ذلك ، فيحتاج إلى بسط من الكلام فيه ، لأنه مما تعم به البلوى ، ولا يختص البحث فيه بأول الشهرة وآخره ، بل يطرد في ثاني الشهر وثالثه ورابعه وهكذا ، فان الشك في أول الشهر يستتبع الشك في ثانيه وثالثه إلى آخر الشهر ، فإذا
__________________
١ ـ أقول : أنشدك! بأن التعبد ببقاء الرطوبة المسرية إلى حين الملاقاة مثل التعبد ببقاء الماء في الحوض؟ كلا! إذ العرف لا يتعقل من بقاء الرطوبة المسرية إلى حين الملاقاة إلا سراية الرطوبة إلى الملاقي ( بالكسر ) وهذا بخلاف بقاء ماء في الحوض حين وقوع الثوب فيه ، إذ جريان الماء على الثوب أمر خارج يلازم لبقائه عرفا ، لا عين بقائه ، بخلاف سراية الرطوبة إلى الثوب ، إذ هو بنظرهم عين بقاء الرطوبة المسرية إلى حين الملاقاة بلا نظرهم إلى شيء ثالث هو الواسطة ، فتدبر.