مورد يشك في التقييد إلا ويرجع إلى الشك في إمكان التقييد والاطلاق النفس الأمري ، خصوصا على مذهب العدلية : من تبعية الاحكام للمصالح والمفاسد النفس الأمرية ، فان الشك في كل قيد يلازم الشك في ثبوت المصلحة الموجبة للتقييد ، وعلى تقدير ثبوتها في الواقع يمتنع الاطلاق النفس الأمري ، فالشك في كل قيد يرجع بالآخرة إلى الشك في إمكان الاطلاق الواقعي ، فلو اعتبر في التمسك بالاطلاقات اللفظية إحراز صحة الاطلاق في عالم الجعل والتشريع يلزم عدم صحة التمسك بها في شيء من الموارد.
والحاصل : أن كل خطاب لفظي كما أنه يكشف عن ثبوت الملاك والمناط ، كذلك كل إطلاق لفظي يكشف عن ثبوت الاطلاق النفس الأمري ، ففيما نحن فيه القدر الثابت من تقييد أدلة المحرمات هو ما إذا كان النهي عن الشيء مستهجنا بنظر العرف لخروجه عن مورد الابتلاء ، وفيما عدا ذلك من الموارد المشكوكة يؤخذ بظاهر الاطلاق ويستكشف منه إنا عدم استهجان التكليف في مورد الشك ، كما يستكشف من إطلاق قوله عليهالسلام « اللهم العن بني أمية قاطبة » عدم إيمان من شك في إيمانه من هذه الطائفة الخبيثة (١) مع أن حكم العقل بقبح لعن المؤمن لا ينقص عن حكمه بقبح تكليف من لا يتمكن عادة ، فكما يجوز التمسك بإطلاق اللعن لاخراج من شك في إيمانه عن كونه مؤمنا ، كذلك يجوز التمسك بإطلاق أدلة المحرمات لادخال ما شك في خروجه عن مورد الابتلاء فيه.
فان قلت : التمسك بالمطلقات إنما يصح في القيود والانقسامات السابقة على
__________________
١ ـ أقول : من التأمل فيما ذكرنا ظهر عدم المجال لمقايسة المقام بمثل « لعن الله بني أمية » إذ المخصص العقلي بقبح لعن المؤمن إنما يقيد الحكم الواقعي ، وأين هذا مع القدرة التي هي شرط للحكم الظاهري أيضا ، ومع الشك فيها لا يبقى مجال القطع بحجية الخطاب كي به يحرز الواقع واجدا للقيد ، كما هو ظاهر.