كل من الانائين من أول الامر ولو قبل صدور البيع تجري وتسقط بالمعارضة ، ولا يتوقف جريانها على وقوع البيع خارجا.
وبالجملة : لا ينبغي التأمل في أن عدم السلطنة على بيع الخمر وفساده كحرمة شربه من الآثار المترتبة على نفس المعلوم بالاجمال ، وقد عرفت : أن كل ما للمعلوم بالاجمال من الاحكام يجب ترتبه على كل واحد من الأطراف (١)
__________________
فساد السبب.
١ ـ أقول : لما كان شأن العلم الاجمالي تنجيز الواقع المعلوم فالعقل يحكم بلزوم ارتكاب الطرفين أو تركه مقدمة للفرار عن العقوبة المحتملة ، ولازمه عدم مشاركة الطرفين للمعلوم إلا من حيث لوازم التكليف إطاعة أم عصيانا لمحض إرشاد العقل إلى الفرار عن العقوبة المحتملة ، وإلا فليس لنا دليل تعبدي على شركة الطرفين للمعلوم بالاجمال في جميع الآثار وضعا أم تكليفا ، ولذا نقول أيضا : إن العلم بالوضع لا يؤثر في الطرف شيئا إلا بملاحظة انتهائه إلى التكليف ، كما لا يخفى.
وحيث كان الامر كذلك نقول أيضا : إن شأن العلم الاجمالي في الموضوعات ليس إلا إحراز صغرى الخطاب التكليفي ولو بواسطة إحراز حكم وضعي مستتبع لتكليف في البين ، كي ببركة هذا الصغرى المحرزة بالعلم يتنجز الكبرى المترتبة على موضوعه المحرز بالعلم ، وحيث عرفت ذلك ، فنقول :
إن كل تكليف مترتب على المعلوم فلا شبهة في تنجزه باحراز صغراه ، ونتيجة تنجزه ليس إلا حكم العقل إرشادا بلزوم العمل عليه بارتكاب طرفيه أو تركه ، ولا فرق في ذلك أيضا بين كون التكليف المحرز واحدا في الطرف ومتعددا في طرف آخر ، من دون أن يكون التكليف الآخر مسببا عن الخطاب المعلوم موضوعا أم حكما.
وأما لو كان مسببا عن شيء مضاف إلى موضوع الخطاب أو نفسه ، فان أحرز هذا السبب أيضا بنحو الاجمال نظير ارتكاب العصيان في الفسق وكالكفارة المترتب على ارتكاب الحرام شرعا أو الحد المترتب على شرب الخمر الحرام ، فلا إشكال أيضا في إحراز صغراه ولو إجمالا ، كأصل الخطاب الأولي ، فالعقل أيضا يحكم بوجوب مقدمة العلمية فعلا أو تركا ، خصوصا لو كان العلم الاجمالي بتحقق السبب موجبا للعلم التفصيلي بالمسبب ، كما هو الشأن في الكفارة والحد ، فيجب إقامتهما. وأما لو فرض عدم إحراز هذا السبب ولو بأن لا يرتكب إلا لاحد الطرفين أو لا يشرب إلا أحد الانائين أو لا يقدم إلا على أحد المحتملين ، فلا شبهة في عدم إحراز صغرى الخطاب الثاني ، والفرض أن هذا الخطاب في طول الخطاب الأول أيضا ، بحيث يكون طرفيته للعلم في طول العلم بالخطاب الأول ، فحينئذ بأي وجه يحكم