سواء كان الحكم من مقولة الوضع أو من مقولة التكليف (١) وسواء قارن زمان الابتلاء بالتصرف في أحد الأطراف لزمان العلم أو تأخر عنه. فلو فرض أن أحد الأطراف لم يأت زمان الابتلاء به بل كان الابتلاء به متأخرا عن زمان العلم ، ففي ظرف مجيء زمان الابتلاء به يلزم ترتيب ما للمعلوم بالاجمال عليه وإن خرج الطرف الآخر عن مورد الابتلاء بفقد وتلف ونحوه ، فان المدار في وجوب ترتيب الاحكام على كل واحد من الأطراف إنما هو على فعلية الاحكام وتنجزها ،
__________________
الشجرة ، فمرجعه إلى اختيار الاحتمال الأول : من طولية تكليفهما ، ومع هذا الاختيار لا معنى لاقتضاء تنجز التكليف السابق رتبة بعلمه ، لتنجز هذا التكليف المشكوك موضوعه وجدانا ، مع فرض عدم كونه أيضا طرف العلم المنجز ، لسبقه بعلم آخر.
وإن أريد أنه من تكليف آخر ، ولكن بملاحظة تبعية ذات المنفعة أو النماء للعين يحسب من تبعاته ، وإلا فهو تكليف آخر في عرض التكليف بالشجرة ، فمرجعه إلى الاحتمال الثاني : من منجزية العلم له أيضا ، لكونه من باب العلم بتكليف في طرف وتكليفين في طرف ، لا أن منجزه مجرد العلم بغصبية الشجرة ، إذ لا يكون علمه إلا منجزا لتكليفه لا لتكليف آخر ، فالمنجز للتكليف الآخر ليس إلا وقوعه طرفا للعلم الآخر المنجز.
وإن أراد التكليف بالاجتناب عن الثمرة عين التكليف بالاجتناب عن الشجرة المغصوبة فبداهة فساده غني عن بيانه. نعم : الذي يسهل الخطب في هذا الباب إمكان ترجيح الاحتمال الثاني ، لعدم مقتض لطولية التكليفين في الثمرة والشجرة ، لان طولية أحدهما للآخر وجودا لا يقتضي طوليتهما حكما ، كما أنه لو بنينا على الطولية أيضا ـ لمكان جريان الأصول المثبتة للتكليف في الطرفين ، كما أوضحناه ـ لا يبقى مجال جريان البراءة عن الثمرة ، وهو العمدة في أصالة الحرمة في الأموال أيضا ، فتدبر تعرف.
كما أن في مسألة الملاقاة قد عرفت أن ما هو المرتكز في الأذهان ومعقد كلمات الأصحاب والتعبير بتنجس الشيء للشئ في النصوص كون نجاسة ( الملاقي ) بالكسر ناشئة عن نجاسة الملاقى ( بالفتح ) بحيث يكون منشئه سرايتها من الملاقى ( بالفتح ) إلى الملاقي ( بالكسر ) ولذا يكون التكليف بأحدهما مسببا عن التكليف بالآخر ولو قلنا بالسراية بنحو ذكرنا ، كما هو المرتكز في الأذهان ، كما يشهد له كلماتهم في عدم تنجس العالي الوارد على النجس ، فتدبر.
١ ـ أقول : لو تمت هذه الكبرى لزم الحكم بنجاسة الطرف بمحض العلم بالبولية ، لأنه تمام الموضوع للنجاسة ، وحينئذ كيف يحكم بطهارة ملاقيه؟.