على انتفاء حكم ما قبل الغاية عما بعدها ، فاللازم تقديم مفهوم الغاية على مفهوم الشرط وسقوط القضية الشرطية عن كونها ذات مفهوم.
ومنها : ما إذا وقع التعارض بين مفهوم الشرط ومفهوم الوصف ـ بناء على كون القضية الوصفية ذات مفهوم ـ فإنه يقدم مفهوم الشرط على مفهوم الوصف ، فان القضية الشرطية أظهر في كونها ذات مفهوم عن القضية الوصفية ، حتى قيل : « إن القضية الشرطية بالوضع تدل على المفهوم » فتصلح أن تكون قرينة على التصرف في القضية الوصفية وإخراجها عن كونها ذات مفهوم.
ومنها : ما إذا دار الامر بين التخصيص والنسخ ، فقيل : إن التخصيص أولى ، لكثرة التخصيص وقلة النسخ. وقيل : إن النسخ أولى.
وتفصيل الكلام في ذلك : هو أنه يعتبر في النسخ أن يكون واردا بعد حضور وقت العمل بالمنسوخ (١) كما أنه يعتبر في التخصيص أن يكون واردا قبل حضور
__________________
١ ـ أقول : بعد كون النسخ في التشريعيات كالبداء في التكوينيات فكما ترى البداء الحقيقي في المخلوق قبل وقت العمل ـ كما لو كان بانيا على ضيافة زيد عند مجيئه ثم بدا له قبل المجئ ـ كذلك أمكن صورته في الخالق بملاحظة الاخبار على طبق المقتضيات المتكفل لها لوح المحو والاثبات ، فيخبر النبي صلىاللهعليهوآله أيضا بوقوع موت كذا ، ولكن في اللوح المحفوظ مكتوب حياته لوجود مانع عن تأثير مقتضي موته مثلا ، ومن هذا القبيل باب النسخ في التشريعيات. وعليه : فلا قصور في تصوير النسخ قبل حضور وقت العمل أيضا ، كما أنه لا قصور في إمكان تأخير البيان عن وقت العمل لقيام مصلحة على خلافه ، كما هو الشأن في كلية جعل الحكم الظاهري على خلاف الواقع ، إذ لا أقل من ترك إيجاب الاحتياط وارجاعه إلى حكم العقل بالبرائة الموجب لتفويت الواقع على المكلف لمحض ترك إيجاب الاحتياط ، كما هو ظاهر ، فتدبر.
والمقرر اعترف بالشق الثاني ، فياليت يعترف بالأول أيضا! فتدبر ، إذ لعل اعترافه فيما بعد في تصوير النسخ بعد انقطاع الوحي ـ بامكان ورود الناسخ في زمن النبي ٩ والنبي ٩ أودعه إلى أوصيائه ـ عين الاعتراف بامكان النسخ من الله الوارد على النبي ٩ قبل العمل ، وإنما أوكل النبي ٩ إبرازه إلى الوصي ، وذلك غير وروده واقعا ، كما لا يخفى.