ضعيف غايته ، فان الترجيح إنما يكون في مقابل التخيير ، وقد عرفت أن التخيير إنما يكون في المسألة الأصولية ، ومعنى الترجيح في المسألة الأصولية : هو أخذ الراجح حجة شرعية وطريقا محرزا إلى الواقع. وعليه : لا يمكن أن يفرق بين باب الحكومة وبين باب الفتوى ، بل نفوذ حكم من وافق حكمه الراجح إنما هو لأجل موافقة فتواه له.
وبالجملة : بعد البناء على كون التخيير والترجيح في المسألة الأصولية لا معنى للتفرقة بين باب الحكومة وبين باب الفتوى ، فإنه كما يلزم الحكم على طبق الراجح لأنه هو الحجة والطريق دون غيره ، كذلك يلزم الفتوى والعمل على طبقه.
وكأن من استشكل على الاستدلال بالرواية لوجوب الترجيح في مطلق المتعارضين غفل عن كون الترجيح في المسألة الأصولية ، أو بنى على كونه في المسألة الفقهية ، وقد تقدم ضعفه.
هذا كله ، مضافا إلى أن صدر الرواية سؤالا وجوابا وإن كان في مورد الحكومة ، إلا أن الظاهر من قوله عليهالسلام « ينظر إلى ما كان من روايتهم عنا » إلى آخر الرواية ، هو أن الامام عليهالسلام صار بصدد بيان الوظيفة الكلية عند تعارض مطلق الاخبار.
فالانصاف : أن التأمل في الرواية يوجب القطع بكون الترجيح لمطلق
__________________
، وحينئذ فلا محيص من الالتزام باعراض الأصحاب عن ذيل الرواية.
كما أن المرفوعة أيضا مطعون في سنده ، فلا يبقى مجال لوجوب الترجيح بالمرجحات المذكورة في الروايتين. وتسمية الأولى « مقبولة » من جهة كون صدوره مورد تسلم الأصحاب ، لا هو بتمامه ، بل لم يلتزم أحد برجوع الثالث عند تعارض الحكمين إلى مدركهما. وظني انه استشكل شيخنا الأعظم بهذا البيان في رسائله ، فراجع.
نعم : لا بأس بالترجيح بمخالفة العامة وموافقة الكتاب ، كما هو أيضا ديدن الأصحاب ، وفي غاية البعد أيضا حمل اخبار الترجيح بهما على الاستحباب.