خبر الثقة الشامل باطلاقه للثقة الفاسق ، ومنطوق آية النبأ الدال باطلاقه على عدم حجية خبر الفاسق ولو كان ثقة.
وقد يقال حينئذ بالتعارض والتساقط والرجوع الى أصالة عدم حجية خبر اليقة الفاسق ، إذ لم يتم الدليل على حجيته.
ولكن الصحيح انه لا اطلاق فى منطوق الاية الكريمة لخبر الثقة الفاسق ، لأن التعليل بالجهالة يوجب اختصاصه بموارد يكون العمل فيها بخبر الفاسق سفاهة ، وهذا يختص بخبر غير الثقة ، فلا تعارض اذن ، وبذلك يثبت حجية خبر الثقة ، دون غيره.
وهل يسقط خبر الثقة عن الحجية إذا وجدت امارة ظنية نوعية على كذبه؟ وهل يرتفع خبر غير الثقة الى مستوى الحجية إذا توفرت امارة من هذا القبيل على صدقه؟ فيه بحث وكلام ، قد تقدم موجز عن تحقيق ذلك فى الحلقة السابقة (١).
ولا شك فى ان أدلة حجية خبر الثقة والعادل لا تشمل الخبر الحدسى المبنى على الوظر والاستنباط ، وانما تختصص بالخبر الحسى المستند الى الاحساس بالمدلول ، كالاخبار عن نزول المطر ، أو الاحساس بة ثاره ولوازمه العرفية ، كالاخبار على العدالة.
وعلى هذا فقول المفتى ليس حجة على المفتى الاخر بلحاظ أدلة حجية خبر الثقة ، لأن إخباره بالحكم الشرعى ليس حسيا ، بل حدسيا واجتهاديا ، نعم هو حجة على مقلديه بدليل حجية قول أهل الخبرة والذكر.
ـــــــــــــــ
(١) راجع : ج ١ ص ٢٩٢.