والعمل بهما ، بتقريب ان العمل بظاهر الاية أو الحديث ، مصداق عرفا لما هو المأمور به فى تلك الأدلة ، فيكون واجبا ، ومرجع هذا الوجوب الى الحجية.
وبين هذه الوجوه فوارق. فالوجه الثالث مثلا بحاجة الى تمامية دليل على حجية الظهور ، ولو فى الجملة ، دونهما ، لان مرجعه الى الاستدلال بظهور الاحاديث الامرة بالتمسك واطلاقها ، فلابد من فرض حجية هذا الظهور فى الرتبة السابقة.
كما ان الوجهين الأولين يجب ان لا يدخل فى تتميمهما التمسك بظهور حال المولى لاثبات الامضاء ، لأن الكلام الان فى حجيته ، كما اشرنا الى ذلك فى الحلقة السابقة (١).
وقد يلاحظ على الوجه الأول ان سيرة المتشرعة وان كان من المعلوم انعقادها فى ايام النبى صلى الله عليه وآله والأئمة على العمل بظواهر الدليل الشرعى ، ولكن الشواهد التاريخية انما تثبت ذلك على سبيل الاجمال ، ولا يمكن التأكد من استقرار سيرتهم على العمل بالظواهر فى جميع الموارد ، فهناك حالات تكون حجية الظهور أخفى من غيرها ، كحالة احتمال اتصال الظهور بقرينة متصلة ، فقد بنى المشهور على حجية الظهور فى هذه الحالة ، خلافا لما اخترناه فى حلقة سابقة (٢).
وهنا نقول : ان مدرك الحجية اذا كان هو سيرة المتشرعة المعاصرين للمعصومين ، فكيف نستطيع ان نتأكد انها جرت فعلا على العمل بالظهور فى هذه الحالة بالذات؟ وأما اذا كان مدرك الحجية السيرة
ـــــــــــــــ
(١) راجع : ج ١ ص ٣٠١.
(٢) راجع ج ١ ص ٣٠٣.